"متوحدون فى صمتنا ننصت لصوت شحذ السكاكين المعدّة مسبقاً لذبحنا كخلفية موسيقية تصبغ أحداث حياتنا الأخيرة، لكننا سنموت ونحن على يقين بأننا لم نخذل يوماً من خذلنا"، هكذا وصفت الشابة "زين" أوضاع أهالى مدينة حلب، والذين يعانوا مرارة الحرب السورية فى كل ليلة.
آلاف الشهداء ذهبوا نتيجة ويلات الحرب المشتعلة الآن بين الجيش السورى من جانب والجماعات المتشددة من جانب أخر، بجانب غارات متتالية طيران التحالف، وهناك أيضا آلاف من الحلبيين ينظرون شبح الموت من حينا إلى آخر.
حلب أكبر المدن السورية، وعاصمة الثقافة العربية فى عام 2006، احتفى بها الأدب العربى، احتفاء لم تشهده مدينة سورية أخرى.
الشعر:
ديوان "مراثى الملائكة من حلب" للشاعر كريم عبد السلام.. 2015
ربما يكون الشاعر كريم عبد السلام رسم كثيرا من ملامح الجحيم فى حلب راثيا ملائكته كما صورها بجرأة وعنف وألم وحب، وربما يكون ذلك هو الديوان الشعرى الوحيد الذى حمل أسم أكبر المدن السورية.
وتقول الكاتبة فاطمة عبد الله فى مقالا نقدى نشر لها فى جريدة اليوم السابع بعنوان "مراثى الملائكة من حلب: جحيمية جهاد النكاح": " يستعيد الشاعر صوراً برّاقة للصبية الملاكة قبل أن تصيبها أنياب الوحش، الملاكة فى النصوص اختزالٌ للمرأة السورية المنكهة بالحرب، ولسوريا فى اعتبارها أنثى جميلة تُذبَح، يوصّفها بالنقيض: النقاب، فى مقابل التهاب الجسد وتحوّله جبهة حرب. ملاكة سوريا تهبط من أعالى الغيم إلى جوف الرأس، تستقرّ كذاكرة مثقلة بالوجوه العكرة وتُعذَّب مدى الحياة.
الشاعر صريحٌ فى المناداة والوصف، يبيّن فجاجة الاتجار بالأجساد وحملها من نُبل الشعور إلى مهانة العيش. ينظر إلى الجروح لا ليُشفق، بل لأنّ فى النظر إليها شفاء.
الشعر هنا واقعي، يسير على الأرض، الحقيقة الوجودية الوحيدة بالنسبة إليه هى خبز العشاء. الخبز واليد التى تمسك الآخر فتحول دون ذهابه الى الموت: "آه يا حلب يا قاتلة (...)/ ألعنكِ فى اليوم ألف مرة". اللعنة هنا ليست سخطاً حقوداً يُصَبّ على الأعداء. هو لوم المقهورين فحسب وإطلاق رصاصة فى اتجاه السماء.
قصائد
هناك العديد من الشعراء الذين احتفوا بحلب كان منهم:
المتنبى
لا أقمنا فى مكان وإن طاب
ولا يمكن المكان الرحيل
كلما رحبت بنا الروض قلنا
حلب قصدنا وأنت السبيل
فيك مرعى جيادنا والمطايا
و إليها وجيفنا والذميل
أبو فراس الحمدانى
لقد طفت فى الآفاق شرقا ومغربا
وقلبت طرفى بينها متقلبا
فلم أر كالشهباء فى الأرض منزلا
ولا كقويق فى المشارب مشربا
نزار قبانى
كل الدروب لدى الأوربيين توصل إلى روما
كل الدروب لدى العرب توصل إلى الشعر
وكل دروب الحب توصل إلى حلب
صحيح أن موعدى مع حلب تأخر ربع قرن
وصحيح أن النساء الجميلات لا يغفرن لرجل
لا ذاكرة له ولا يتسامحن مع رجل لا ينظر
فى أوراقه الروزنامة..
ولا يقدم لهن فروض العشق اليومى.
كل هذا صحيح ولكن النساء الجميلات وحلب
واحدة منهن
الروايات:
رواية "مترو حلب" مها حسن 2016
صدر عن دار التنوير للنشر، رواية بعنوان "مترو حلب" للكاتبة السورية مها حسن، وهى الرواية التاسعة ضمن مسيرتها الإبداعية، وتتحدث عن الأوضاع فى سوريا، وتحديداً مدينة حلب، المدينة التى عاشت فيها الكاتبة كل حياتها قبل سفرها إلى فرنسا منذ أكثر من عشر سنوات.
وتدور أحداث الرواية حول قصة فتاة اضطرتها ظروف الحرب المشتعلة فى مدينتها حلب إلى الهروب لتجد نفسها فجأة فى باريس، مدينة أوروبية مختلفة بعاداتها ولغتها وشعبها وثقافتها، من دون أن تعرف إن كانت ستبقى فيها أم أنها ستعود فعلاً إلى مدينتها الرازحة تحت نيران المواجهات الدموية العنيفة.
رواية "عائد إلى حلب" لعبد الله مكسور 2013
"هل يموت الانسان مرتين؟"، بهذا التساؤل المفتوح على العدم يبدأ الروائى السورى عبدالله مكسور روايته الأخيرة عائد إلى حلب الصادرة حديثاً عن دار فضاءات للنشر والتوزيع فى الأردن والتى تعتبر الجزء الثانى للرواية الأولى التى تتحدث عن الأحوال فى سوريا عقب آذار 2011 والتى صدرت عن دار فضاءات تحت عنوان "أيام فى بابا عمرو".
فى "عائد إلى حلب" يتابع عبدالله مكسور سرده الدرامى للأحداث فى وطنه الأم سوريا عبر العديد من الأشخاص الذين يختلفون مع بعضهم بعضاً فى كثير من الأشياء و يتفقون على ضرورة القتال حتى آخر رصاصة، فى صفحات الرواية هناك صوت واضح للرصاص الذى ينطلق من كل الجبهات غير مكترث بالوطن الذى وصل حدّ الهاوية إن لم نعلن وقوعه فيها .
يرسم فيها الثورة ضد الاستبداد فى سوريا من خلال البطل ذاته، المصور الصحفى الذى يصور أفلاماً وثائقية عن الثورة، ويسرد تجربته المريرة مع الاعتقال، والتعذيب البشع الذى يمارسه الجيش النظامى ضد المعتقلين المدنيين، ومعايشته للفصائل التى تقاتل من أجل إسقاط النظام، كاشفاً عن وجهيها الإيجابى والسلبي، وذكريات الطفولة والشباب.
رواية "لا سكاكين فى مطابخ هذه المدينة" لخالد خليفة 2013
الرواية التى صدرت فى عام 2013 وحاذت جائزة الأديب العالمى نجيب محفوظ ودخلت القائمة القصيرة لجائزة الرواية العربية "البوكر"، رواية تثير وتطرح أسئلة أساسية وتحاول الكشف عن حقائق خراب الحياة العربية فى ظل الأنظمة الاستبدادية التى استباحت ودمرت حياة وأحلام المواطنين العرب. فى هذه الرواية يكتب "خالد خليفة" عن كل ما هو مسكوت عنه فى الحياة العربية عامّة والحياة السورية خاصّة. هى رواية عن الأسى والخوف والموت الإنساني.
يقول الكاتب هيثم حسين فى قراءة له عن الرواية: "حكى خالد خليفة فى روايته "لا سكاكين فى مطابخ هذه المدينة" تاريخ مدينة حلب الحديث، الذى يشكل انقلاب البعث سنة 1963 المنطلق نحو الماضى والمستقبل فيه، وكيف أسهم ذاك الانقلاب فى تشويه معالم المدينة ونسف بناها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وخلف شروخا عميقة بين الناس الذين انقسموا بين مؤيد خائف من إرهاب السلطة الجديدة، وآخر معارض أُودِى به بالتقادم وتمّت تصفيته وضرب مجاله الحيوى أيضاً، فى مسعى لنسف أى نشاط أو إحياء لاحق محتمَل".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة