بعدما تعالت الأصوات على صفحات بعض الفضائيات المغرضة مثل القناة القطرية العميلة و بعض صفحات التواصل الاجتماعى عن السرعة التى أعلنت السلطات المصرية بها الكشف عن هوية مرتكبى حادث تفجير الكنيسة البطرسية يوم الأحد الماضى الموافق 11 ديسمبر، هنا لابد من القول أننا أصبحنا فى زمن الفتاوى من الجهلاء بعيدا عن الحق و العلم و الحقيقة، و تقتضى الأمانة العلمية هنا أن نكتب لإجلاء الحقيقة العلمية وراء الطرق المعروفة حديثــا و التى تستخدم فى مثل تلك الحالات، بل و فى الطب الشرعى و إثبات النسب و البنوة و تحديد هوية المقتول و القاتل .
نبيــل محيــى عبد الحميــد
و تجدر الإشارة هنا إلى أن تحديد هوية المقتول أسهل من تحديد هوية القاتل رغم استخدام نفس الطرق و الآليات تقريبا ..ببساطة و بطريقة علمية نستطيع القول أننا بأخذ أى بقايا من جثة أى متوفى نقوم بتحديد تسلسل الحامض النووى للشخص، و تبدأ العملية باستخلاص الحامض النووى(DNA) عند طريق إذابة جزء من أى بقايا موجودة للجثة حتى لو كانت الشعر.
و هنا أيضا نلفت النظر أن الحامض النووى من أكثر المواد ثباتا فى الطبيعة و لا يتأثر بمعظم العوامل التى تشوه أو تدمر باقى الجسد و لذلك نحن نستخدم تلك التحاليل فى الآثار و الحفريات و بها إستطعنا تحديد هوية المومياوات المختلفة من آلاف السنين و تحديد نسبها، بل و طريقة وفاتها.
و نحن ندرس لطلاب الصيدلة و الطب تلك الأسس العلمية بل و نعلمهم عمليا الطريقة, سواء طلاب البكالوريوس أو الدراسات العليا.. و بعد إستخلاص الحامض النووى من بقايا المشتبه فيه نقوم بإكثاره بتفاعل مشهور جدا إسمه التفاعل المتسلسل (PCR) و من نفس العينة نأخذ جزءا قليلا جدا و ندخله فى جهاز لتحديد تسلسل الحامض النووى أى ما يعرف بالجينوم (Genome) و هنا يخرج من الجهاز شريط مطبوع على الورق بالتسلسل الدقيق الذى لا يقبل الشك كاشفا بوضوح تركيب الحامض النووى للمشتبه به .. و ببساطة تقوم وزارة الداخلية فى أى بلد بعمل هذا فى معامل خاصة أو معامل الطب الشرعى و مراكز البحوث و للعلم تستغرق النتيجة بضع ساعات لتكون واضحة و نهائية.
و يأتى هنا دور التحريات و الداخلية و غيرها من جهات البحث الجنائى و قائمة الهاربين من السجون أو الإرهابيين أو المشتبه فيهم و هى سهلة أيضا محفوظة على قواعد البيانات تقوم الداخلية بتحديد قائمة من المشتبه بهم قانونا وتأخذ منهم عينات و لو تطلب الأمر تحتجزهم مؤقتا لحين ظهور النتائج ، و تاخذ عينة من الأقارب بسيطة جدا أو عينة دم و تجرى نفس التحاليل و على نفس البرنامج الموجود على جهاز كشف تتابع الشفرة (DNA Sequencer تتم المطابقة بما لايدع مجالا للشك و يضاف قبل ذلك كشفا مبدئيا لدراسة شكل الكروموزومات داخل الخلية و هى لقطة بعد صبغ أى بقايا للجثة و كذا العينة الحية تعطى صورة من الميكروسكوب و يتم تصويرها بكاميرات ديجيتال و ترفق بالتقرير (Karyotyping).
و أخيرا لابد من القول بأن تلك الأجهزة و تلك الإمكانيات المعملية و الخبرات متوفرة فى مصر من عشرات السنين و لابد من التأكيد بأن النتيجة ممكن أن تكون نهائية فى خلال ساعات، و باستخدام تلك الطرق المتطورة يكون إنكار أى فرد من أفراد الأسرة أن المتهم ليس منهم نوع من الهروب من الاتهام و يكون الكلام عن التشكيك نوع من التضليل بل و الخيانة، و لكن الجهل بالشئ لا يعطى الحق لأى إنسان أن يتكلم بما لا يعلم و يتهم الدولة و قيادتها بغير علم.
يقينى أن قناة الدويلة العميلة لديها من يقولون بما قولت، و أفراد الجماعة الضالة لديهم أيضا من يشهد بما شهدت، و لكن تبقى الوطنية و الضمير هى أهم الفروق بيننا و بينهـــم ..حمى الله مصر من كل حاقد و كل كاره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة