إذا كان فوز المرشح الجمهورى دونالد ترامب، فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ضربة لمنافسته الديمقراطية ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلارى كلينتون، فإنه يمثل لكمة قوية للإعلام الأمريكى الذى شن حملات شعواء على ملياردير نيويورك.
الإعلام الأمريكى لم يكن عادلا قط ولم يخجل لحظة من إظهار تحيزه لصالح المرشحة الديمقراطية التى كانت استطلاعات الرأى الوطنية جميعها تؤكد تفوقها على ترامب.
التقليد الأمريكى يسمح لوسائل الإعلام الأمريكية إعلان دعمها لأى من المرشحين، وقد كان بالفعل، إذ أعلنت الصحف الرئيسية وعلى رأسها نيويورك تايمز وفورين بوليسى وذا أتلانتيك وواشنطن بوست، وغيرها عن دعمهم لوزيرة الخارجية السابقة، لكن هذا الدعم تجاوز التقليد المعتاد إلى محاولات تشويه المرشح المنافس.
وذهبت وسائل الإعلام الأمريكية وعلى رأسها شبكة CNN الإخبارية، إلى تعقب فضائح ترامب وإبرازها على صفحاتها الأولى وعلى صفحاتها بوسائل الإعلام الاجتماعية، ففى مقابل فضيحة البريد الإلكترونى لهيلارى كلينتون التى استمرت تلاحقها حتى الأيام الأخيرة من السباق الانتخابى، إلا أن فضائح ترامب كانت الأكثر نشرا وإبرازا على صفحات الصحف الأمريكية.
وفضلا عن الفضائح، التى كانت حقيقة بغض النظر عن حجم المساحة التى تم تخصيصها لها، فإن وسائل الإعلام الأمريكية طالما سعت لتصوير ترامب باعتباره يمثل تهديدا للأمن القومى الأمريكى بحسب تقارير لمجلة فورين بوليىسى وتهديدا للديمقراطية الأمريكية، بحسب افتتاحية لصحيفة واشنطن بوست الشهر الماضى.
فوز ترامب لم يكن مجرد ضربة لوسائل الإعلام الليبرالية، لكنه يشير إلى تمرد الشعب الأمريكى على النخبة السياسية بل وربما مشاهير المجتمع أيضا، الذين يعيشون بمعزل عن هموم وقلق المواطن الأمريكى وربما هو نفس الخطأ الذى اقترفته وسائل الإعلام الأمريكية.
فلقد أكتسب ترامب شعبيته من التصريحات المثيرة للجدل تجاه المهاجرين والمسلمين والتى تتعلق بشكل رئيسى بالأمن القومى الأمريكى. وطالما تحدث ترامب عن مواجهة صارمة وحاسمة فى وجه الإرهاب والإرهابيين وحماية أمن المواطن الأمريكى وهنا يمكن القول أن الهجمات الإرهابية التى تكررت خلال العام الأخير من حكم الرئيس الديمقراطى باراك أوباما، وأبرزها هجوم سان بيرناردينو فى كاليفورنيا، كانت سببا رئيسا فى شعور الأمريكيين بالخوف والحاجة إلى رئيس يتخذ كل ما يتيسر من إجراءات لحمايتهم.
الإعلام الأمريكى الليبرالى، الذى يمثل وسائل الإعلام الرئيسية، كان بعيدا عن حاجة المواطن الأمريكى للشعور بالأمان وركز طوال نحو عام من الحملات الإنتخابية على أفعال المرشحين وتاريخهم، وتحديدا ترامب، وليس برامجهم الإنتخابية، لذا كان منفصلا عن التوجه الفعلى للناخبين.
النخب السياسية والمشاهير أيضا كانوا بعيديون كل البعد عن التوجه والإحتياجات الأساسية للمواطن الأمريكى. فعلى الرغم من إحتشاد كبار القادة السياسيين ضد ترامب، ومن بينهم المرشح الجمهورى السابق ميت رومنى والرئيس السابق جيمى كارتر ورئيس مجلس النواب بول ريان، فضلا عن مشاهير هوليود مثل دى نيرون والمغنية الأمريكية كاتى بيرى وليدى جاجا وغيرهم من المشاهير، لكن نتيجة الإنتخابات جاءت لتؤكد ضيق ومحدودية تأثيرهم على الشارع الأمريكى الذى لم يعد يفكر سوى فى مصالحه الذاتية فى ظل تهديدات إرهابية متزايدة وتراجع فرص العمل، لاسيما أن ترامب وعد بإعادة تشغيل المصانع الأمريكية وعدم السماح بتصنيع المنتجات الأمريكية فى الصين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة