ليس من العدل أن نرضى دائماً بالإيماء والموافقة على تصنيف "مصر" فى الخانات الأخيرة، كاعتراف ضمنى مننا جميعاً أن مكاننا الطبيعى فى أسفل القائمة دائماً، لا نثق سوى فى من يحمل جنسية أخرى ليصلح أوضاعاً مائلة، ولا نتحدث عن أنفسنا بثقة سوى عندما يبدأ حديثنا بكلمة "مصر زمان"، حقيقة الأمر أن شباب هذا البلد قادر على أن يحل محل هؤلاء من أصحاب الجنسيات الأخرى، وقادر أيضاً على الحديث بثقة دون أن يلتفت لماضينا المشرق دائماً وحاضرنا المظلم بالضرورة، الحقيقة أن ما ينقصنا ليس الموهبة، وليس الخبرة، وليس الجهد، ما يقنصنا حقاً هو الفرصة لوضع الأمور فى أماكنها الصحيحة، إضاءة الأجزاء المظلمة، والتسويق لأنفسنا بالطريقة التى نستحقها، بهذا الإيمان وبنفس المنطق انطلقت الدورة السابعة لمهرجان "كايرو فاشون فيستيفال" لدعم الموضة المصرية، ومنح الفرصة لمستحقيها، وفتح بوابات الفرص الواسعة أمام أيدى وعقول وأذواق مصرية تستحق الفرصة.
جانب من عروض كايرو فاشون فيستيفال
ما قدمه مهرجان كايرو فاشون فيستيفال الذى ينظمه كايرو فيستيفال مول للعام السابع، يمكن اعتباره دائرة ضوء بدأت فى الاتساع لتشمل مواهب شابة تسعى لتقديم أفضل ما فى جعبتها للظهور على ساحة الموضة، وتشمل أيضاً خبرات موجودة للتقييم والتوجيه والدعم والمشاركة، ما رأيناه أمس من عروض وتصميمات يؤكد أن مصممى الأزياء المصريين من الشباب لديهم ما يخصهم من رسائل حاولوا طرحها فى صورة عروض جاءت على مستوى عالِ من الحرفة ومواكبة خطوط الموضة العالمية، فبداية من تنظيم المهرجان وجدول العروض، مروراً بالريد كاربت فى افتتاحية المهرجان، ووصولاً إلى التصميمات المتنوعة التى تحمل خطوطاً خاصة، يمكننا إدراك ما وصلنا إليه حتى الآن وما نحتاجه للاستمرار.
التصميمات المصرية بمهرجان كايرو فاشون فيستيفال
"عمرو مدكور" واحد من مؤسسى "كايرو فاشون فيستيفال" صرح لليوم السابع أن المهرجان هدفه دعم الموهوبين فى هذا القطاع، ووضع مصر على خريطة الموضة العالمية، ولكن هل ينجح المهرجان وحده، أو غيره من المبادرات التطوعية من المهتمين بهذا القطاع، فى دفع مصر لخريطة الموضة العالمية، أم أن الأمر بحاجة لما هو أكثر من الدعم؟
الريد كاربت من عرض كايرو فاشون فيستيفال
الإجابة على هذا السؤال يمكن الوصول إليها من خلال عدة مشاهد، بدايتها هو التعرف على حجم ما تنفقه دولة مثل "فرنسا" على هذا القطاع لتكون عاصمة الموضة، أو ما يمثله قطاع الأزياء من أهمية ضخمة فى دعم تجارة دول كبرى تضخ الأزياء ملايين الدولارات فى خزائنها سنوياً، وهو ما يشكل الفارق الحقيقى، فبالنسبة لهؤلاء لا تندرج "الموضة" تحت قائمة "الرفاهية" مثلما نصنفها نحن، لذلك فأن النظر لوضع مصر على خريطة الموضة العالمية، يجب أن يتم بدعم من الدولة، واستغلال هذه التجارب التى عكسها بنجاح "كايرو فيستفيال مول" فى استكمال المسيرة، وتبنى هذه المواهب التى عرضت تصور مشرف لهويتنا فى الأزياء على منصة "كايرو فاشون فيتستيفال" أمس، ودعمها، توجيهها من أهل الخبرة فى هذا المجال، ثم دفعها لمنتصف الطريق وتركها للعمل والإنتاج.
مصمم الأزياء الشهير هانى البحيرى بصحبة الفنانة "أمينة خليل"
لوضع الأمور فى نصابها الصحيح، يجب علينا أولاً أن نقيم وضع الموضة فى العالم، الدول الأكثر اهتماماً بهذا المجال هى الدول التى نجحت فى تحويل قطاع الموضة إلى ركن قوى من أركان اقتصادها، ووضع رجال أعمالها أموالهم بثقة فى تنظيم عروض الأزياء العالمية، ودعم مصممى الأزياء، وتمويل أسابيع الموضة واستغلالها برؤية بعيدة المدى فى الترويج للسياحة، وغيرها من القواعد التى يعرفها صناع هذه التجارة جيداً، أما نحن فمكاننا ليس على الخريطة العالمية، لا يمكننا أن نقر بضمير مستريح أن مصر لديها هوية واضحة فى مجال تصميم الأزياء، ولا يمكننا أن نعتبر عروض الأزياء الموجودة حالياً على تنوعها سوى خطوة فى مشوار طويل مازلنا فى بدايته، ولكن ما يمكننا الاعتراف به بثقة كاملة أن لدينا ما يؤهلنا لقطع هذا الطريق.
الهوية الشرقية تسيطر على بعض العروض
فبالنظر لأكثر من عرض كان على رأسها عرض مصممة الأزياء الشابة "مرمر حليم"، ثم "سارة الرزاز" التى عكست وجهة نظرها عن الفتاة القوية بمجموعة تصميمات جريئة، وحتى الهدف الرئيسى من المهرجان الذى قدم فرصة الدراسة لواحد من المصممين المشاركين فى وكالة للأزياء بلندن، وما قدمه المهرجان من فرصة ومساحة لعرض التصميمات بحضور شخصيات لها وزنها فى هذا العالم، للتقييم والتشجيع وتبنى المواهب التى تستحق، فبكل المقاييس المهرجان فرصة للنظر لهذا المجال برؤية مختلفة عن السابق، وبداية للعمل على دعم هذا القطاع الذى من شأنه تحريك المياه الراكدة فى تجارة هامة وضخمة تسيطر على جزء كبير من القوة الشرائية فى مصر، ومن شأنه وقف نزيف الاستيراد للملابس الجاهزة والماركات العالمية، ووضع شعار "صنع فى مصر" فى صورة تصميمات تناسبنا وتعبر عنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة