كم هى مشكلة أن يحاول الإنسان تجميل الأشياء فيتسبب فى تدميرها، وهذا يحدث عندما يسعى الإنسان إلى تغيير أصل الأشياء، والتحايل على حقيقتها، وكل هذا بسبب عدم الرضا والقناعة بأصل الأشياء، فالكل يسعى إلى تجميل شكله وصورته، ويرفض الاقتناع بحقيقته، فيسعى بكل الطرق إلى إبراز هذا الجمال بصورة كاذبة وخادعة، فيتسبب فى ضياع الصورة الحقيقية، لدرجة تصل إلى تدميرها، وكما قال المثل: "جه يكحلها عماها".
وهذا المثل له أسطورة تحكى عن قط وكلب تربيا معًا فى قصر واحد، وحدثت بينهما صداقة، وكان الكلب معجبًا بعيون القط، فسأله ذات مرة عن سر جمالها، فقال القط إن عينيه بها كحل، ولما سأله الكلب، "كيف لك ذلك؟"، قال القط، "لا أعرف"، فغار الكلب، وأحضر بعض الكحل، ووضعه على إصبعه ليضعه فى عينيه، لكن مخلبه فقأ عينيه بدلاً من تكحيلها.
والسؤال هو، لماذا لا يقتنع الإنسان بحقيقته، ويسعى دائمًا إلى تغييرها، وبصورة مكذوبة؟ لماذا يبحث عن الكذب، فى حين أنه لو نظر إلى حقيقة سيرى فيها الكثير من الجمال الذى يستحق إبرازه، وليس تغييره، فللأسف نحن الآن أصبحنا لا نكتفى بعمليات التجميل للشكل فقط، بل أصبحنا نخادع حتى فى طباعنا، ونحاول إظهارها بعكس حقيقتها، والأفضل لنا أن نحاول تقويمها، بدلاً من إظهارها بصورة جميلة لفترة مؤقتة وأمام أشخاص معينين، ثم يزول الجمال بانتهاء المصلحة، وتتحول طباعنا إلى وسيلة لجذب الآخرين؛ لتحقيق مآربنا، وهنا عندما يكتشف الآخرون سوء الطبـاع وقسوتها سيتحول الرفض إلى كراهية؛ لأن الإنسان قد يرفض الطباع السيئة، ولكنه يكره من يتجمل من أجل خداعه واستغلاله، وهنا سينطبق المثل القائل : "جه يكحلها عماها".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة