جيلان جبر

اللعب مع الكبار

الخميس، 06 أكتوبر 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حشد الرأى العام وتوضيح الرؤية هو المطلوب لضمان مساحة نفوذ وسيادة عربية مستقلة

 
ليس بصدفة أو مفاجأة حالة الإصرار على التصويت لقانون «جاستا» أو «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب»، هذا حسب اسمه التشريعى فى الكونجرس.. ولا هى من الشهامة أو الرجولة الإصرار للرفض من الرئيس أوباما لهذا القانون.. قد يكون نموذجا لتقسيم الأدوار لنوعية التمهيد لسيناريو وإخراج سياسى لتصعيد ورقة ضغط كنوع للانتقام الممنهج فى الشكل، والمضمون، والتوقيت. الغريب أن كرة النار تقذف علينا فى نهاية إدارة أوباما من جهة، وموسم انتخابات جديدة للكونجرس ومجلس الشيوخ، والرئاسة من جهة أخرى، إذا لا مجال للتفاهم أو التوضيح هناك خطة التغيير والترسيم لتنفيذ شرق أوسط جديد خارجيا، مما يسمح بأن يترجم هذا المشهد لنوع من التصعيد لحرب فعلية، ولكن بأسلوب جديد، فالأهم من اليوم هو النظر فى توابع هذا الزلزال الذى إن أرادت بالفعل إدارة اوباما العرقلة والمنع له فكان الأولى سرعة الشرح والتوضيح بحملة منظمة لإقناع الرأى العام الداخلى بمدى الخسائر المترتبة على هذا القانون على المصالح الأمريكية داخليا وخارجيا، ولكنها أهملت فى العمل والاجتهاد، واكتفت برفع الفيتو الرئاسى الذى تم كسره فى اللحظات الأخيرة.. وبدأ اللعب مع الكبار بفرض أمر واقع جديد.. اتهام وعقدة اضطهاد وانتقام بشكل قانونى يستغل فيه حبال القضاء طويلة الأجل.. فهل علينا أن ندرس مصير هذا الضغط اقتصاديا على سبيل المثال: على الأموال السعودية الموجودة داخل الولايات المتحدة الأمريكية الآن ومنها: أملاك واستثمارات وسندات؟! ففى السابق شاهدنا ورقة ضغط بالعقاب والعزلة وبالحجز والتجميد 150 مليار دولار لمدة 35 سنة من حساب أموال إيران المودعة فى أمريكا.. والآن 750 مليار دولار حجم المساهمة للدولة السعودية بقيمة تمثل بسندات فى الخزينة الأمريكية هى الأخرى مهددة؟! نعم فهى مبالغ كبيرة تأتى نتيجة عامل زمنى من المصالح الكبيرة والمترابطة لعقود طويلة بين أمريكا والسعودية، لذلك إننا غالبا لن نجد سرعة فى ردود الأفعال أو فى مشاهد التدهور والانهيار فى العلاقات الثنائية الأمريكية السعودية، فهل يعد مجرد تحرك بفتح باب للضغط السياسى الحديث ويسمى «المقايضة بالعقاب»، خصوصاً إذا تابعنا حجم التحذيرات الداخلية التى ظهرت فى أمريكا بعد التصويت ونبهت من العواقب المتلاحقة من دول عديدة ضد هذا القانون، لإنه قد يفتح باب جهنم على الجميع، ولا يسمح بأن تكون المنطقة آمنة على المدى الطويل.. فهل هى استراتحية دراماتيكية فى الشرق الأوسط تمهد نحو نظام علاقات عربية وإقليمية بنوع جديد؟! والتعامل بمنطق يشعل النفوس ويكسر السيادة ويفرض نوعا من المعالجة المتأخرة.. ويحمل رغبة تنفيذ أسلوب مستمر لإشعال الخلافات الداخلية فى عدد من الدول العربية وبدون التدخل العسكرى تكسر الإرادة، ولكن بأسلوب قضائى وبالانتقام بميليشيات مسلحة مصنعة مستأجرة وممولة تشغل العقول بالشك فى منطق الدولة، وتشعل الكراهية والنقمة فى النفوس ضد المؤسسات والجيوش الوطنية.
 
فى النهاية لاشك أن هذه المنطقة ستمر فى الأشهر المقبلة بظروف صعبة سياسية واقتصادية معروفة للجميع، إن كانت حرب اليمن المفروضة علينا، وانخفاض أسعار النفط، وما تقوم به إيران من إثارة الفتن وزعزعة الأمن والطائفية فى سوريا ولبنان وليبيا والعراق، وانعكاسات كل ذلك على المواطن، مما يتطلب حسن الإدراك وسرعة الاختيار لعدد من الاستراتجيات الأقل خسارة للحفاظ على الهوية والاستقرار، لأن مجرد الصبر والتضحية، من أجل الوطن تبقى مبدأ يحترم ولكن حشد الرأى العام وتوضيح الروية هو المطلوب لضمان مساحة نفوذ وسيادة عربية مستقلة لا يزعزعها قانون جاستا ولا مليشيات مسلحة ولا إرادة دولية تتدخل بقانون أو إخوان أو ارهابيين أو نشطاء سياسيين... إلخ.. فاللعب مع الكبار يحتاج لأدوات وآليات حديثة تليق بالمباراة المقبلة.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة