الخطر داهم على الجميع والأهداف الأمريكية أكبر من تشريع هذا القانون
لماذا الاستغراب والفزع والامتعاض من إصدار الكونجرس الأمريكى قانوناً يسمح للمتضررين وأهالى ضحايا 11 سبتمبر بمقاضاة حكومة السعوديه باسم جاستا؟ فلا جديد فى أن يكون هذا القانون نقلة وسلاح جديد ضد العرب والمنطقة كلها، فرفض الكونجرس ومجلس الشيوخ الأمريكى لفيتو أوباما الذى كان يهدف إلى رفض القانون لابد هنا من ربط هذا الرفض بتصاعد احتمالات تولى ترامب رئاسة أمريكا مع كرهه الواضح للعرب والمسلمين، ما هو الجديد فى استهداف أمريكا للسعودية خاصة بعد إطلاق الحروب الدينية والطائفية بين السعودية وإيران وبعد اتفاقية النووى بين أمريكا وإيران وإطلاق يدها فى المنطقة فى العراق وسوريا ولبنان واليمن؟ وما الغرابة فى أن يصدر هذا القانون كتدشين لمرحلة أمريكية جديدة فى المنطقة، خاصة بعد توجيه أوباما الاتهامات للسعودية بأنها هى التى تخلق الإرهاب فى المنطقة وترعاه ذلك تبرئة لإيران؟ ولا مكان للغرابة والاستغراب، فالمنطقة تحت السيطرة الأمريكية شكلا وموضوعاً فبترول وثروات العرب بين أحضانها وقواعدها العسكرية تحتل بعض بلادنا بحجة حماية المنطقة والخليج من الخطر الإيرانى، فهل استغربنا ورفضنا تلكك أمريكا بـ11 سبتمبر عندما غزت أفغانستان وقسمت العراق والسودان؟ هل توقفنا أو تحركنا أو انتابنا أدنى إحساس عندما أعلنت كوندليزا رايس فى القاهرة عام 2004 ما يسمى بالفوضى الخلاقة التى ترجمت على أرض الواقع العربى إلى ما يسمى ثورات الربيع العربى، تلك الفوضى التى تعنى التفكيك والهدم ثم إعادة البناء على حسب النموذج والمزاج الأمريكى؟ أليس هذا القانون هو النتيجة الطبيعية لتقسيم وتفتيت المنطقة، تنفيذاً للمخطط الأمريكى الصهيونى وحتى يتم إعلان سايكس بيكو الجديدة، خاصة بعد تقسيم العراق وتفتيت سوريا وإطلاق الفوضى فى اليمن وليبيا وتوقيف الحياة السياسية فى لبنان ومحاصرة مصر شرقاً وغرباً بالإرهاب؟
هذا هو الواقع السياسى العربى، واقع لا يعرف الفعل، ولكنه ينبطح دائماً تحت رد الفعل، واقع يفتت نفسه ويصارع ذاته ويخترع المخاصمات ويبدع المشاحنات ولصالح الغير، الواقع هنا يقول إننا نفعل بأيدينا وبسلوكنا الخطأ وبسيطرة المصالح الذاتية على الصالح العام كل ما تريده أمريكا، نعم القانون فيه تجاوز للقانون الدولى ولسيادة الدول منذ اتفاقية وستفاليا عام 1648، نعم القانون لا يتفق مع الدستور الأمريكى ولا مع الأحكام القضائية الأمريكية السابقة، نعم القانون يفتح باب جهنم على العلاقات الدولية والدبلوماسية بين الدول، ولكن ما العمل؟
لا شك إذا كان هذا القانون بهذا الشكل غير القانونى، فمن الطبيعى ألا نفكر فى إصدار قوانين تماثله فهذا سيكون ضد المنطق ويسقط أسس دفاعنا فى مواجهة هذا القانون، والأهم هو هل لدينا القدرة على تنفيذ مثل هذا القانون لو شرعناه؟ كما أن التهديد والصراخ والشعارات لا مكان لها الآن فالموقف مهم وخطير، فإذا كان القانون يستهدف العرب، فالموقف الأمثل والمطلوب هو كيف يتوحد هؤلاء العرب على خطة؟ وكيف يتفقون على رؤية؟ وكيف يفعلون إمكاناتهم المادية والبشرية؟ فهل هذا يمكن أن يكون فى ظل ذلك الصراع وتباين المواقف فى قضايا مهمة مثل سوريا وليبيا؟ فالموقف لا يحتمل الصراعات والخلافات والتباينات، فالخطر داهم على الجميع والأهداف الأمريكية أكبر من تشريع هذا القانون، فأمريكا لا تعرف غير ذاتها ولا تسعى لغير مصلحتها فالسعودية الآن فى طريقها أن تكون عدوا، وإيران قد أصبحت قريبة، والسؤال أين مصلحة العرب وكيف نحققها وكيف نواجه تلك المخاطر التى تهدد الوجود ذاته؟ قال أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية فى الإمارات «يجب أن تكون ردود أفعالنا على المستوى القانونى والاستثمارى بعيدة عن التسرع، فتفكيك الضرر يتطلب عملاً مركزاً ومشتركاً والغلبة دائماً للعقل والمنطق، فماذا نحن فاعلون؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة