معركة كبيرة يخوضها اتحاد النقابات الفنية، برئاسة المخرج عمر عبدالعزيز، وجمعية مؤلفى الدراما العربية، برئاسة الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن، ضد القنوات الفضائية، لمنع إذاعة الإعلانات أثناء عرض العمل الدرامى، حيث وجه الاتحاد والجمعية إنذاراً رسمياً لعدد من الفضائيات استعداداً لمقاضاة أى قناة تحاول ما أسموه بتشويه «العمل الفنى وتدميره»، حيث اعتبروا فى الإنذار الموجه أن الفقرة الإعلانية بين الفواصل الدرامية تحول المشاهد من التركيز فى الخط الدرامى إلى الإعلانى، وهو ما يعد فى صحيح القانون تحريفا وتشويها للعمل الدرامى، ويمثل اعتداء كبيرا على حقوق مؤلفى الدراما وكتاب السيناريو والحوار.
واستند اتحاد النقابات الفنية والجمعية المصرية فى توجيه الإنذار للقنوات إلى مواد قانونية تجرم وضع الإعلانات أثناء إذاعة المصنف الفنى، منها القانون رقم 35 لسنة 1987، والقانون رقم 82 لسنة 2002 فى شأن حماية حقوق الملكية الفكرية، والذى يعطى المؤلف الحق فى «منع تعديل المصنف تعديلاً يعتبره المؤلف تشويها أو تحريفا له»، وهو ما اعتمد عليه عدد من المبدعين، معتبرين أن الإعلانات تحريف للنصوص الدرامية، كما تنص المادة 147: «يتمتع المؤلف بحق استئثارى فى الترخيص أو المنع لأى استغلال لمصنفه بأى وجه من الوجوه، وبخاصة النسخ أو البث الإذاعى أو إعادة البث الإذاعى، أو الأداء العلنى أو الترجمة والتأجير، والمؤلف وحده هو صاحب الحق فى إدخال أى تعديلات على المصنف، ويمنع الغير من القيام بذلك دون إذن أو موافقة المؤلف المكتوبة وإلا اعتبر اعتداء على حق المؤلف يستوجب المساءلة القانونية».
وتضمنت الإنذارات التى وجهت لعدد من القنوات الفضائية، وحصلت «اليوم السابع» على نسخ منها: «عدم حذف المقدمة الخاصة بالعمل الفنى، أو النهاية لأنها جزء لا يتجزأ من العمل وحذفها يعد اعتداء صارخا وتشويها للمصنف الفنى.. وعدم إدخال أى مصنف موسيقى مغاير للموسيقى الأصلية الخاصة بالمصنف الفنى، كاملاً بصورته الأصلية لأن ذلك يعد عدوانا وتدميرا لموسيقى المؤلف الأصلى.. عدم بث أى إعلان إلا قبل أو بعد المصنف الفنى كاملًا بصورته الأصلية مهما طالت المدة دون المساس بالعمل الفنى، سواء كان مسلسلاً أو فيلماً أو مسرحية»، وذلك بحسب نص المادة الخامسة من قانون حماية المؤلف والتى تمنح الحق للمؤلف وحده فى تقرير نشر مصنفه وفى تعيين طريقة هذا النشر.
فى هذا الصدد يقول الكاتب الكبير وحيد حامد لـ«اليوم السابع»، إن الإجراءات التى اتخذها اتحاد النقابات الفنية والجمعية المصرية، تصب فى مصلحة المصنف الفنى والمشاهد أيضا، وهى خطوة جيدة جدًا، وأضاف الكاتب: «القانون ينص على عدم تحريف المادة الدرامية، ومنع الفقرات الإعلانية من وسط المسلسل يصب فى مصلحة العمل والجمهور حتى لا يضيق ذرعا بالمسلسل ويهجره» ولفت الكاتب إلى أنه يبغض وجود الإعلان داخل العمل، لكن لا مانع من وجوده قبل إذاعة المسلسل مثلما كان يحدث فى الماضى، أو فى نهاية المسلسل بحيث يتسنى للمشاهد فهم ما تهدف له الحلقة.
وحيد حامد
وعلّق الكاتب محفوظ عبدالرحمن، رئيس جمعية مؤلفى الدراما، قائلا، إنه كلّف المحامى شريف محمود برفع قضية لحماية الأعمال الدرامية ومنع تشويه المصنف الفنى بالعرض المكثف للإعلانات ضمن أحداث المسلسل، وطالب بعرض الإعلانات قبل أو بعد العمل، وعدم حذف تترات البداية والنهاية لأنها جزء لا يتجزأ من العمل الفنى.
محفوظ عبد الرحمن
وأضاف رئيس جمعية المؤلفين أن المتعارف عليه فى العالم أن تكون الإعلانات قبل وبعد المسلسل، ولا يمكن أن يرى المشاهد إعلانات مذاعة فى وسط المسلسل فى أى بلد أوروبى، لعدم إحداث خلط بين العمل الدرامى وبين الإعلان، موضحا أن ما يتبعه المعلنون والقنوات الفضائية فى مصر طريقة متخلفة جدا، حتى إن المشاهد يرى إعلانات كل 10 دقائق من المسلسل وتبلغ مدة هذه الإعلان فى الغالب 15 دقيقة مما يتسبب فى نسيان المشاهد العمل الذى كان يتابعه.
وتابع عبدالرحمن أن إذاعة الإعلانات وسط المسلسلات لا تجبر المشاهد على متابعتها، كما يعتقد المعلنون لأن المشاهدين فى الغالب يقومون لعمل الشاى أو يغيرون القناة، وأكد على أن المشاهد يجب ألا يعانى بسبب المشكلات المادية للقنوات الفضائية أو المنافسة الشرسة فيما بينها والتى تجبرهم على الخضوع لشروط المعلنين المجحفة، وأن القنوات الفضائية لا تحترم كرامة المشاهد وتقدم له خدمة غير إنسانية، لافتا إلى أن الجمهور عندما يشاهد قناة فضائية تحترمه فإنه سيرد هذا الاحترام ويتابع محتواها الإعلامى.
وأضاف عبدالرحمن أن مطالب ترشيد عرض الإعلانات وسط المسلسلات ليست وليدة اللحظة، ولكن صناع الدراما ينادون بها منذ سنوات دون استجابة من أصحاب القنوات أو المعلنين، ولذلك قررت جمعية مؤلفى الدراما واتحاد النقابات الفنية، برئاسة المخرج عمر عبدالعزيز اللجوء للقضاء، مؤكدا أنهم يعبرون ليس فقط عن رغبة الجمعية أو الاتحاد، ولكن عن كل المبدعين والوسط الفنى الذين يلمسون ويعانون من هذه المشكلة، مشددا على أن حماية العمل الفنى هو شىء مهم للغاية ويجب أن يبت فيه القضاء بسرعة.
وقال الناقد الفنى طارق الشناوى، إن المشاهد يجب أن يقاطع القنوات التى لا تحترمه وتعرض الإعلانات بهذا الشكل وسط المسلسلات إلى أن يحترموه، لأنه طالما يتحمل ويقبل بمشاهدة المسلسل الذى تبلغ مدته نصف ساعة فى 3 أضعاف هذه المدة فإن القنوات الفضائية لن تتوقف عن هذا السلوك، فالعصمة هنا بيد المشاهد وإذا فرط فى حقوقه لن يأتى بها أحد، موضحا أن الإعلانات يتم وضعها للحصول على الأموال التى تعوض المنتج عن الأجور الضخمة التى يدفعها للنجم، لافتا إلى أن النجوم تسببوا فى تفاقم هذه الأزمة، لأنهم لا يقبلون الحصول على أجر أقل فى سبيل حماية مسلسلاتهم من الإعلانات.
طارق الشناوى
وأضاف الشناوى أن ثقافة المقاطعة مهمة لأن أصحاب القنوات لن يتوقفوا عن وضع الإعلانات بأكبر قدر ممكن، كما أن كثافة المشاهدة عندما تقل سيكون أكبر إنذار للقنوات الفضائية، موضحا: «ياريت يحترموا الناس ويحطوا الإعلانات قبل وبعد المسلسل ولكن المشكلة أن الإعلانات التى تلى التتر مباشرة والموجودة فى منتصف المسلسل لها ثمن أكبر من غيرها»، مشددا على أن القنوات الفضائية لن تضحى بالأموال إلا إذا وقف الجمهور أمامها، لأن الصراع حاليا على الأرقام فقط و«النجومية تعنى فلوس والفلوس تعنى إعلانات».
ومن جهه أخرى، كان لرؤساء القنوات الفضائية رأى آخر، حيث قال محمد هانى رئيس شبكة قنوات cbc لـ«اليوم السابع» إنه لم يصله أى شىء رسميا حتى الآن، وإذا حدث بالفعل ذلك سنتواصل معهم، لأن تلك الجمعية جهة محترمة، وأتمنى أن يكون هناك قانون واضح ينص على ذلك، أو يلزم به، ولكننا سنعود للمستشارين الخاصين بالقناة.
محمد هانى
وأضاف هانى: أتفهم الأسباب التى تقف وراء ذلك الإجراء، ولكن يجب أن يدرس الأمر قانونا، ولا أتصور أن هناك شىء ملزم بهذا الشكل، لنعرف ماذا سيكون تأثيره على الصناعة، لأن الدراما صناعة كبيرة وهناك سوق لها وآليات.
واتفق معه ألبرت شفيق، رئيس قناة النهار، مؤكداً أنه لم يصله أى قرار أو أى إنذارات رسمية تفيد بذلك، وقال: أعتقد أن الأمر يحتاج إلى ضوابط، ودراسة قانونية حتى لا تتأثر القنوات أو تتأثر صناعة الدراما، ورغم ذلك سنعود إلى قانونيين لبحث هذا الأمر معهم.
أحمد النمس، المدير المالى لشبكة قنوات on، أكد هو الآخر أن الشبكة لم تصلها أى إنذارات أو أحكام من المحكمة، وبالتالى يظل الأمر كما هو عليه، وليس هناك أى جديد، ولكن ربما يختلف الأمر إذا وصل شىء رسمى بذلك.
وأضاف النمس أن المنتجين أنفسهم، وهم أصحاب الأعمال الفنية، لا يضعون أثناء التعاقدات مع القنوات الفضائية أى شروط بخصوص الإعلانات، وفقا للعقود المبرمة بينهم وبين القنوات، طالما أننا كقنوات فضائية لا نضر بالعمل الدرامى أو سياقه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة