العباس السكرى

عن الفنان أحمد عز.. "ارحموه.. الضرب فى الميت حرام"

الإثنين، 24 أكتوبر 2016 03:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قدره أن يكون فى آخر الصف.. آخر الطابور.. بعد أن كان يتصدر المشهد قبل بضع سنوات.. وضعه القدر مكان "الذيل" ليظل دائما فى حالة اهتزاز.. أحمد عز النجم الذى كان، أصبح كـ"جرسون" فى قهوة يصيح بصوت مرتفع :"أيوه جااااى"، على كل منتج يغمز له بسيناريو حتى وإن كان "نُص لبة".


من يصدق أن هذا هو حال الفنان الوسيم الذى وهبه الله جمالاً ظاهرًا.. كان وحده بوابة العبور إلى عالم الفن والنجومية دون سند من وعى أو معرفة أو موهبة.. فقط كانت الملامح المتناسقة والبشرة المضيئة والقوام الممشوق والعينين الجذابتين مؤهلاته ليدخل عالم الفن عبر بوابة إيناس الدغيدى، فى دور لا يختلف كثيرا عن شخصيته الحقيقية، أو ربما كان الدور نفسه بداية رسم لشخصية أحمد عز التى نعرفها الآن.. الفتى الوسيم، غير المقنع، المنساق خلف رغباته الجنسية رافعا راية الحب والمراوغة فى آن واحد.

الشخصية التى كشفت عنها إيناس الدغيدى، أو رسمتها له فى فيلمها المتواضع "مذكرات مراهقة"، لازمت الوجه الشاب منذ 2001 حتى الآن.. وخطوة بعد أخرى تجلت بشكل أكثر وضوحا وانكشافا، من الفتى النصاب الشهوانى فى "سنة أولى نصب"، وصولا إلى الخارج على القانون المتجاوز فى حق المجتمع والقيم فى "ولاد رزق".. عبورا بالمجرم الغرائزى فى "المصلحة"، والأداة الغاشمة فى يد سلطة الإجرام ومافيا الخروج على النظام العام فى "بدل فاقد"، والظالم المنساق وراء هواجسه وكوابيسه فى "حلم عزيز".. وليس بوسعك مهما قلبت فى أفلامه أو أدواره أن تجد خروجا على هذا السياق.. ولعله المنطق القدرى الذى يضع كل شخص فى موضعه، ويقود الأدوار للنداء على أصحابها ومن يشبهونها.


أحمد عز يبدو أنه أدمن المراهنة على جمال الشكل، حتى أصبح دمية بلاستيكية أو "مانيكان" منزوع الروح، ما أفقده القدرة على الإبداع والإدهاش، ووضعه فى خانة الممثل المحدود للغاية، لهذا لم يحصد أية جائزة هامة أو تقدير نقدى طوال سنوات عمله، وعلى امتداد قائمة أفلامه الطويلة، ظل ممثلا تقليديا يمارس لعبة الفن كما يمارس لعبة الحياة، بوجه حلو ورغبات مشتعلة ومشاعر معلّبة، وموهبة وقيمة محدودتين ولا تصلحان كساقين متينتين لحمل مشروع مهم أو مؤثر.

شخصية أحمد عز.. جميلة المظهر مرتبكة الجوهر، لم تلازمه فى أفلامه وأدواره فقط، وإنما انسحبت إلى حياته أيضا، وكأن أحمد عز تخيل الحياة فيلما تجاريا يمكنه تعبئته فى عدة أسابيع، لتحصيل ملايينه ولمعان أفيشاته، دون أن يضع يده على سر الصنعة ومتعتها وغايتها، كما يليق بمن يصنعون فنا ويسطرون تاريخا بصريا للعالم وناسه، ومن هنا تعددت نزوات أحمد عز وقصصه الاستهلاكية المستهلكة، من علاقة لأخرى، ومن زوجة لأخرى، ومن نزوة لنزوات ونزوات.

ظل مشروع أحمد عز يشبهه حد المطابقة.. وجه جميل بلاستيكى لا روح فيه.. أفلام تجارية خفيفة لا قيمة لها ولا سحر فيها.. ملايين تتراكم ونزوات تتصاعد.. وصولا إلى لقطة النهاية التى تشبه كل نهايات أفلامه تقريبا، البطل الذى لا يتحمل مسؤولية أمام العالم، ويمكن للدراما أن تسير وحدها حتى لو غاب أو نسيه المخرج أو جار المونتير على كل مشاهده بالحذف، فـ أحمد عز يشبه "فازة" مليئة بالورد الصناعى على طاولة غداء شهى، وجودها لن يزيد متعة الوجبة وحلاوتها، ومعدومية رائحتها لن تطغى على رائحة الطعام، وصمتها أقل قيمة من "صوصوة عصافير البطن".

ولكن رغم هذه الخفة التى تسيطر على مشروع أحمد عز وحياته وأدواره، كانت النهاية هذه المرة مختلفة.. النجم الجميل الذى أدمن الأدوار محدودة القيمة، وتسلح بجماله فى مقابلة موهبة لا يملكها، وعمل واجتهاد لم توفر له نزواته وقتا للانشغال بهما، تورط فى نهاية لا يحبها أى جميل.. نهاية يخرج فيها الممثل من الكادر تاركًا خلفه طفلين جميلين، يصرخان من برد النكران والتجاهل وقلة الأصل، ويحملان شهادتى ميلاد فارغتين، والاسم فى خانة الأب "بنى آدم بلاستيك".









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة