لا يخفى على أحد أن المواطنين الآن يشعرون بالضيق الشديد من حالة التعثر الاقتصادى، التى نعيش فى ظلها، والتى كان من آثارها أن ارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق، حتى تضاعف سعر غالبية السلع، فى حين أن المرتبات لم ترتفع بذات النسبة، ولا حتى بنسب أقل، وما يضاعف هذا الضيق هو غياب الرؤية الكاشفة لحجم هذه المعاناة، وعدم وجود خارطة زمنية توضح إلى متى ستستمر، وهو أمر كفيل بأن يضاعف الضيق إلى ما لا يعلم مداه إلا الله.
ما سبق يعنى باختصار أن مصر الآن تعيش حالة من اختلال الطبقات، كان من نتائجها أن تنكمش الطبقة الوسطى، ويهبط من فيها إلى الطبقة الأدنى، وأن تتأثر الطبقة العليا بعض الشىء، لتستغنى عن الكثير من مكوناتها التى يعمل بها «الطبقة السفلى»، أما الطبقة السفلى فأنا أعتبرها مصدر الخطر ومصدر القوة فى الآن ذاته، ففيها العمال وفيها الفلاحون وفيها الحرفيون وفيها الكادحون الذين يبنون مصر ويسهمون بكل إخلاص فى رفعة بلادهم دون جلبة أو ضجيج، وللأسف فإن الأخطار المحدقة بهذه الطبقة كبيرة، كما أن الأخطار المتوقعة من هذه الطبقة «أكبر»، فطبيعى فى ظل هذا الوضع الاقتصادى الصعب أن ينحرف بعض من أبناء هذه الطبقة، وطبيعى أيضا أن ترتفع معدلات الجريمة، وأن تنمو موجات اضطراب الانتماء، وأن ترتفع معدلات التسرب من التعليم، وأن يتدهور المستوى الصحى، وأن ترتفع معدلات انتشار الأمراض، وإذا أضفنا إلى هذا ما هو واقع فى مصر بالفعل من تدنى فى كل هذه المجالات ستصبح الصورة أكثر بشاعة، فهل استعددنا إلى هذه الأضرار المتوقعة؟
عزيزى «المسؤول» أرجو ألا تعتبر ما سبق محاولة منى لإفزاعك أو ترهيبك، فأنا أعرف تمام المعرفة أن يدك مغلولة، وأن الحالة الاقتصادية التى تمر بها مصر الآن مربكة إلى أقصى الحدود، وفى الحقيقة فأنا ألتمس للمسؤولين بعض العذر فى الارتباك الذى تعيشه مصر الآن فى ظل التحديات الكثيرة التى تمر بها البلاد، لكن ما لا يجب أن نتسامح معه أو نتغافل عنه أن نلتمس فيه العذر لأحد أن يتحول مجتمعنا إلى غابة، والمطلوب الآن أن تسرع الحكومة بعمل برامج رعاية عاجلة للطبقات السفلى فى الهرم الاجتماعى، وهذا ليس من باب «الترف» وإنما من باب «الضرورة»،وبالتزامن مع هذا يجب أن ترفع الحكومة حالة «تعبئة» الوعى لدى المصريين لكى يصبحوا لقمة سائغة فى فم المجهول.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة