على مدار اليومين الماضيين كتبت هنا شهادتى عن يناير 2011 بعد خمسة أعوام من حدوثها، أمس الأول، حاولت أن أرصد أخطاء أبناء يناير وأنا من ضمنهم فيما أسميته «مكاشفة» وأمس كتبت عن أولئك الراقصين على جثة يناير وكيف يسهمون بهذا التشفى المريض فى تحويل أبناء يناير إلى «وحوش» و«مسوخ» لتسود العداوة بين «مجتمع» و«جيل» ويسود التطرف فى المعتقدات والانتماءات الفكرية، ويسود التناحر بين الجميع، فنحن بدلا من أن نبحث عما يجمعنا نبحث عما يفرقنا، وبدلا من أن نبحث عن راية نقف تحتها نبحث عن راية نمزقها، ليتحول المجتمع كله إلى فئات متناحرة، مؤسسات ضد أفراد، وأفراد ضد قوميات، وقوميات ضد معتقدات، ومعتقدات ضد انتماءات، وانتماءات ضد مؤسسات، والجميع ضد الوطن، والجميع ضد المستقبل.
نادينا بضرورة التصالح المجتمعى، فصم الجميع آذانه، نادينا بأهمية دمج المجتمع كله فى مشروع نهضوى واحد لا يفرق بين أبناء الوطن الواحد، فصم الجميع آذانه، صار سب «يناير» ومن شارك فيها تأشيرة الدخول إلى البوابة الدائمة للفضائيات، وصار الرقص على جثة يناير أهم مؤهلات الولوج إلى المناصب القيادية فى المؤسسات الرسمية والمنتخبة، وصار العداء لجيل كامل شارة العبور إلى النجومية، فحصدنا «اللامبالاة» وافتقدنا إلى ذلك الزخم الشبابى فى الحياة العامة.
وجد الشباب أنفسهم محاصرين بمن يكفرونهم «وطنيا» وينفونهم «إنسانيا» فغرقوا فى السخرية من الجميع، وامتد الكفر إلى ما كان يقدسونه من قيم سامية مثل «الحرية» و«الإخاء» و«المساواة» و«العدالة الاجتماعية» فرأينا شابين هما الممثل «أحمد مالك» والإعلامى «شادى حسين» وهما يطيحان بثوابت «يناير» فى وجه الجميع، ساخرين من بعض الجنود الشرفاء الذين أمضوا يومهم فى «الثلج» ينفذون ما كلفهم به الواجب.
فعل أقل ما يقال عنه أنه «قذر» ولا أعرف كيف فكر هذان الشابان فى أن يسخروا من الاحتفال بعيد الشرطة وذكرى «الثورة» بهذه الطريقة المخجلة، بأن يأتوا بواق ذكرى وينفخونه مثل البلالين ويهدونه إلى رجال الشرطة الشرفاء، ليصبح هذا الحدث الشاذ شغل مصر الشاغل بين ليلة وضحاها، ويتحول هذان الشابان إلى هدف فى مرمى نيران الإعلام والسياسة على حد سواء، ولتشتعل المعركة بين مؤيد لهما يستعرض صور «شادى حسين» وهو مصاب بالخرطوش متهما الشرطة بإصابته، وآخر معترض عليهما يكيل لهما من السباب واللعنات ما يستحقانه.
هذه واقعة ستذهب بعد قليل إلى النسيان، وسيذهب أبطالها أيضا إلى النسيان، لكن «عليه العوض ومنه العوض» إذا لم ينتبه الجميع إلى تلك الواقعة ويعتبرها إنذارا شديد اللهجة لما وصل إليه حال شباب كنا نصفه بأنه «طاهر».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة