من أهم المشاكل الوظيفية التى تدمر بنيان المجتمع وتؤثر فى كل جوانبه، عندما يتولى شخص مسئولية وظيفة هو بالأساس أثبت فشله فيها وعدم قدرته من البداية على القيام بها، فتخيل معى عزيزى القارئ أن هناك شابا ظل طوال حياته يكره قيادة السيارات ويرسب فى الحصول على الرخصة أكثر من مرة فهل يصلح هذا الراسب أن يصبح مدربا لقيادة السيارات فى إحدى الشركات؟ ما هو حال من يقوم بتدريبهم على اختبار القيادة هل سيكون من بينهم ناجح ؟
وكذلك الحال حينما يرتقى موظف إلى مدير ويرسب فى اختبارات الكادر الوظيفى ثم يتم إنجاحه ليصبح مدير بالواسطة مثلا فهل هذا المدير سيكون ناجح فى عمله؟ بالتأكيد لا بل سيكون حجر عثرة فى وجه كل من يعمل تحت مسؤوليته بل ومن علامات الساعة أن يصبح هذا الراسب الفاشل مسئولا عن تقييم الموظفين وكتابة تقارير عن مستوياتهم!
إن مثال هذا النموذج الفاسد فى المجتمع غالبا ما تجده يعانى من عقدة النقص والهلع والرعب عندما يجد شخص ناجح أو له مستقبل، فهو يستميت فى الدفاع عن وظيفته ولو على حساب المؤسسة التى يعمل بها، فلتذهب المؤسسة للجحيم ألف مرة ولكن المهم عنده هو بقاءه فى وظيفته وبقاء سطوته وسلطته وقدرته على التأثير على من هم أعلى منه فى السلم الوظيفى.
وعقدة النقص التى يعانى منها هذا الراسب هى غالبا الدافع فى سعيه لشراء مظهر ناجح يخفى وراءه رسوبه وفشله فمثلا تجده يسعى دائما لشراء شهادات الدكتوراه والماجستير ويضعها فى مكتبه كى يخفى عن الناس جهله وحمقه وندرة معلوماته ولحرف الدال بالطبع بريق خاص يخطف العيون ويساعد صاحبنا على عزف سيمفونية النصب.
إن أغلب الأعمال التى يقوم بها أمثال هذا الموظف الراسب هى عبارة عن ردود فعل لنجاحات الآخرين، فعندما يرى موظف أخر فى مثل منصبه نجح وحقق وأبدع فى عمله تجده يحترق غلا وحسدا ويظل يفكر كيف يمكن أن يقوم بعمل ما كى يغطى على نجاح زميله؟ فتجده يجتهد فى تنفيذ أعمال هى أشبه بالموالد كى يجذب أنظار الجميع ويصنع من الهواء الفارغ عمل يبدوا إنجاز وهو فى حقيقته رسوب وفشل وزيف مثل صاحبه الراسب الفاشل.
إن أمثال هذا النموذج الفاسد هو سبب فى تدمير مقدرات البلاد ورحيل الكثير من الناجحين والمبدعين عن أعمالهم وربما يكون هذا الفاسد عنده القدرة على المكر وعنده القدرة على الخداع ولكن الله غالب على أمره وبالتأكيد سيأتى يوم ينكشف فيه وأن طال الأمد وبالتأكيد سيجد شخص يقف له ويكشف فساده وغشه وضعفه أمام الناس.
وأقول لكل شخص عانى أو يعانى من أمثال هذا الراسب، أن كلمة الحق والتعاون مع أجهزة الدولة لكشف وفضح الفساد هو السبيل الحقيقى للمواجهة. كل التحية والتقدير لتلك الأجهزة التى أثبتت فى الأيام الماضية قدرتها على الحفاظ على البلاد من كل فاسد أو راسب أو فاشل. عاشت مصر، عاشت الأمة العربية.
صورة أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة