الكوميك بديلاً للكتاب
إذا حاولنا وضع عنوان لما يحدث مع هذه الصور الساخرة عن المواد الدراسية فأنسب تعبير هو أن الكوميك أصبح بديلاً للكتاب الدراسى، فصانعو هذه الصور الساخرة حتماً من المتفوقين دراسياً، والذين يعرفون معاناة الطلاب مع فهم الكتب الدراسية وطريقتها المُعقَّدة أشد المعرفة، مما جعلهم يُقدِمون على تقديم فكرة جديدة خفيفة الظل تُسهِّل من تَذكُّر المعلومات عن طريق ارتباطها بنكات و"إفيهات" أفلام ومسلسلات عرفوها وشاهدوها عشرات المرات.
معلومات دقيقة وخفة ظل
و بإلقاء نظرة فاحصة على مشروع صفحة " Sarcasm Station " لكوميكس المواد الدراسية، سنجد أن هناك سمتين أساسيتين حرص صانعو الكوميكس على تواجدها، وهما الدقة فى المعلومة والاحتفاظ بخفة الظل وعنصر الإضحاك دون ملل، وتقوم الكوميكس بتوظيف هذه المعلومات داخل الصور الساخرة بطرق مختلفة بدون تقيد بنمط واحد، بدءاً من وضع رموز رياضية أو كيميائية على وجوه ممثلين داخل الصور وجعل الممثل يقول جملته المشهورة التى تعبر بطريقة مشابهة عن حال هذا الرمز الرياضى ودلالته، وانتهاءاً بوضع معادلات رياضية أو كيمائية كاملة داخل الكوميك.
طريقة جديدة فى التَعلُّم
ويمكن اعتبار هذه الطريقة بتقديم معلومات دراسية من خلال الكوميكس الساخرة كطريقة جديدة ومنهج مبتكر من مناهج التعلُّم، خاصة إذا ما وضعنا فى الحسبان طرق قديمة تم اللجوء إليها للفهم والاستذكار من خلال استخدام الفن بكافة أنواعه، موسيقى ودراما ورسم، إلى جانب اللجوء للهو أحياناً فى إعطاء الطفل أو المراهق مساحة لاستخدام خياله وابداعه لتحقيق تقدم فى المجال الدراسى، هذه الطرق التى لم يقتنع بها الكثيرون فى بادىء الأمر، إلا أنها حققت نتائج إيجابية فيما بعد، خاصة وأن استخدام طريقة واحدة فى تقديم المعلومة فى معظم دول العالم، وليس مصر فحسب، يَحِد من ابداع الطالب.
تعليقات الطلاب على الكوميكس
ولا ينتظم الحديث عن طرح جديد كهذا فى مجال التعليم دون إلقاء نظرة على تعليقات الطلاب على هذه الكوميكس، فالأمر بالنسبة لهم كان ممتعاً لأقصى درجة، إلى الحد الذى جعل خانات وضع التعليقات تتحول لساحات لعرض المعلومات وتصحيحها، متفاعلين مع المعلومات المُقدمه فى شكل كوميدى خفيف الظل، فيما ناشد طلاب الثانوية العامة، مدراء الصفحة، بتطبيق الفكرة على مواد القسم الأدبى للثانوية العامة.
شباب يُفكِّر بوجهة نظر جديدة
و أخيراً فلا يجب تناول موضوع كهذا بعيداً عن تحليل لفكر الشباب فى المرحلة الحالية، فالطالب المجتهد الذى يعرض كوميكس كهذه، وصديقه الذى يُعجَب بها ويتفاعل معها، ورفيقهما الذى ينشر الصورة على حسابه الشخصى بـ"فيس بوك"، هم نماذج للشباب الذين يواجهون "دوجمة" لا تُفكر فيهم ولا تعبأ بهم، فى حين يحاولون هم الخروج بعيداً عن المعتقدات التى يريد الكثيرون حصارهم فيها، يريدون تغيير الفكرة السائدة عنهم والتى تقول بأنهم جيل تافه ليس له قيمة ولا يريد فعل شىء مفيد، يريدون تغييرها لكن بطريقتهم التى قد لا يفهمها منتقديهم، حتى أن البعض منهم تخوف، بطريقة ساخرة تناسب الجو العام للكوميكس والصفحة التى نشرتها، من عدم تَفهُّم أولياء أمورهم لمثل هذه الصور، فأغلبهم لن يُدرِكوا أن جلوس ابنهم أمام الحاسوب لمشاهدتها درب من دروب التعلٌّم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة