أروع شىء فى قناة السويس الجديدة أن مصر لم تستدن مليما واحدا، بل من جيوب المصريين الذين لبوا نداء الرئيس، وقدموا ملحمة رائعة فى الالتفاف حول مشروع يبهر العالم، فهم أصحاب الفرح ونجوم الإنجاز، وكسروا قاعدة الاعتماد على الغير، وشتان بين أن نشق القناة بإمكانياتنا الذاتية، وبين أن نمد أيدينا للدول الأجنبية ومؤسسات التمويل الدولية، التى تماطل وتسوف وتتلاعب وتفرض شروطها، وقناة السويس بالذات لها تاريخ طويل، فى الدفاع عن الاستقلال الوطنى، وتأمين سيادة مصر على هذا الشريان الحيوى المهم.
لا ننسى أن محمد على باشا رفض بشدة شق القناة، عندما عرض عليه الفرنسيون المشروع، وأصر على ضرورة إشراف الحكومة المصرية على تنفيذه وتمويله لكى تخلص القناة لمصر، وشدد على ضمان الدول الكبرى لحيادية مصر، وعندما تولى الأمير محمد سعيد عرش مصر، انتهز فرديناند ديليسبس الفرصة، فقد كان يرعى محمد سعيد وهو غلام، ويعالج بدانته ويدربه على الرياضة، بعد أن عهد إليه والده محمد على باشا برعايته، واتصل بجمعية الدراسات الخاصة بقناة السويس فى باريس، وحصل منها على توكيل، ليعمل باسمها وحصل منها على امتياز حفر القناة بشروط ظالمة ومجحفة.
شتان بين قناة السويس التى افتتحها إسماعيل باشا منذ 145 سنة، والقناة التى يفتتحها السيسى الخميس المقبل، فقد حفرناها بيد خبرائنا ومهندسينا وعمالنا ورجال القوات المسلحة، الذين رفعوا كرامة المصريين فى السماء، ووفروا لهم كل سبل العيش الكريمة، فجاءوا من كل مكان للمشاركة فى العمل الوطنى العظيم، ويكسبون رزقهم ويحصلون على أعلى الأجور، ويتمتعون بأعلى درجات الرعاية المعيشية والصحية.. وبين قناة السويس الأولى التى استغرق شقها عشر سنوات، وتعرض المصريون لأبشع أنواع السخرة، وتساقط أكثر من عشرين ألفا منهم تحت وطأة الشمس، وأشرف ديليسبس على جلدهم بالكرابيج وحدد الأجر بين ستة قروش وثمانية قروش فى اليوم.. الفارق بين السماء والأرض، وبين شعب كان مستعبدا، وشعب حر كريم، يجنى ثمار ثورته المباركة فى 30 يونيو، ويعضده جيش عظيم عاهد الله أن يكون مع المصريين لا عليهم، كرامتهم من كرامته وكبريائهم من كبريائه، ويشاركهم فى بناء مستقبل مشرق بإذن الله.. وللحديث بقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة