هل أصبحنا نعيش اليوم «لحظة» ولكنها مملة ومحبطة؟ ونعيش الشهر يوما بنفس إحساس الرتابة والكآبة والحزن، ونعيش السنة شهرا، أو أقل ويمضى العمر دون أن نشعر بمعنى الحياة، مع الشعور باكتمال التعاسة وكأنها البدر الدائم فى سماء العمر الذى يمضى غالبا بلا إنجاز، فنحن مبدعون فى إهدار الوقت، ونتعامل معه باعتباره سيفا، ولكننا نرتضى ونسعد بأن يقطعنا دون أى رغبة فى مبارزته.
عندك كام سنة؟ هذا هو السؤال الكونى الذى يلح علينا ويؤرقنا جميعا ونتداوله فى اليوم كما نتنفس، وكأننا لا يهمنا سوى معرفة العمر باليوم والشهر والسنة، وكأننا نقيس الناس ونحكم عليهم بأعمارهم وليس بإنجازهم، وكان العمر هو التقييم والتقويم والسؤال عن العمر هو المشروع القومى لدى الجميع، وللأسف يبدو فرق السنين فارق فى التقييم، وفيما عدا ذلك لا شىء يهم. فنحن والحمد الله عقول ساكنة مغلقة فى عالم لا يتوقف عن الركض فى اتجاه العلم والمعرفة والفعل، بينما أفعالنا غليان وكلام حنجورى ونميمة قد نحلم بها، ولكنها أحلام يقظة دون سعى ودون اجتهاد ومجهود. نحن مبدعون فى التحليلات السطحية والاستنتاجات دون الاجتهاد، للحصول على المعرفة، باعتبار أن الدقة والإتقان والعمق والإبداع رجس من عمل الشيطان. أعمار الآخرين هاجس يورقنا رغم أن عمرك يمضى دون إنجاز، وتحسب علينا ونتحسر عليها، ولكننا رغم الحسرة ننحاز إلى السلبية، وتتفوق الاستكانة على القلق، ونعيش كشجرة خريف، وقد ينضج القلق بداخلنا، ولكنه يثمر عن اللافعل.
الأجيال الجديدة لا تعشق سوى السهر، وضياع الطاقة والعمر مع أنفاس الشيشة والنميمة أو أغلبها كائنات تكنولوجية لا تعرف العمق ولا التواصل الحقيقى، وتعانى الفقر المعرفى والإنسانى وبين طبقات الناس من كان منهم، مصنف فى العليا، ومن كان مصنفا فى دونها خطوط وأمراض مشتركة فنحن نرفض التنوير، لأننا ارتضينا خصصة الجهل لصالحنا. عندك كام سنة؟ سؤال لابد أن نشطبه من القاموس ونستبدله بماذا لديك من إنجازات ومعرفة وإنسانية؟ وماذا تملك من أيام فرح حقيقة بدلا من حالات الفرح الصناعية أو الأحزان الافتراضية؟ ماذا نفعل ولماذا وكيف؟ لابد أن تشغلنا. لابد أن نهتم بالفعل والعقلية الإيجابية وليس بسنوات العمر، لأنه قد يكتشف الكثيرون أنهم لم يولدوا بعد. أعمارنا المكتوبة فى شهاد الميلاد ليست ترجمة دقيقة لحقيقة العمر، وإذا كانت أعمارنا تؤرقنا فلابد أن نتجاهلها، ولنعتبر أن لنا أعمارا أخرى غير شهادة الميلاد، ونستثمر هذا العمر حتى لا يمضى قطاره، ونحن فى حالة غيبوبة اختيارية، وكأننا ترتيلة حزن هل نستطيع اختصار أعمارنا فى الفعل الحقيقى ومحاولات النجاح والبناء دون أن يحسابنا الآخرون أو نحاسبهم على دقة الساعات وأجندة السنين؟ فقط نحاسب أنفسنا على ما نهدره من وقت دون إنجاز، وهل نستطيع أن نوقف عجلة الزمن فى حالات العجز، وإذا لم نتعامل مع بعصنا البعض بالنظر إلى الفعل والإنجاز كقيمة وليس كعمر، فسنبقى مشغولين بأعمار الآخرين، وفى حالة قلق من أعمارنا، وسيبقى إيقاع الملل والشعور بأن الزمن يقف بنا ونحن لا نحقق سوى انتصارات هزيلة.
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو أحمد
طيب وزعلانه ليه ؟؟؟
ما ترديش من أساسه .... أو قولي أنا لسه صغيره
عدد الردود 0
بواسطة:
الكاتب احمد المالح
العمر والسعادة