التبشير بالمسيحية مثل الدعوة للإسلام. نعم الأديان حثت تابعيها على التبشير والدعوة ولكن ما هى الطرق الصحيحة والأساليب الملائمة والمنهج القويم الذى يؤدى إلى الهدف المنشود من التبشير والدعوة؟ هل هناك فكر دينى صحيح وسليم يتوافق على تفسير النص للقيام بهذه المهمة كما يجب؟ وهل التبشير الحالى الذى نراه بصورة مستفزة يتواءم مع «ليروا أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذى فى السموات» وهل الدعوة تضع فى حساباتها الحكمة والموعظة الحسنة؟.
لقد وجدنا الأسبوع الماضى خبراً يفيد بالقبض على شاب مسيحى يقف أمام أحد المولات التجارية ويقوم بتوزيع أناجيل على المارة من المسلمين بالطبع ويدعوهم للمسيحية! فهل هذا الأسلوب وتلك الطريقة تتطابق مع النص الأنجيلى للتبشير؟ وهل الظروف الاجتماعية والمحكات السياسية والاستقطابات الدينية والصراع بين النظام والجماعات التى تأخذ الدين ستارا لها والهجمة الإرهابية التى تهدف إلى هدم الوطن بحجة الدفاع عن الإسلام تتيح وتسمح بمثل هذه السلوكيات الصبيانية المراهقة التى يظهر من خلالها عملية غسيل المخ للحصول على ملكوت السموات؟ مع العلم أن الكنيسة المصرية بتاريخها الوطنى لها رأى واضح فى عملية التبشير فهى تؤمن أن التبشير لا يتم إلا من خلال القدوة الحسنة والنموذج الصالح خاصةً أن الكنيسة المصرية لم يسمح لها تاريخها الملىء بالاضطهاد بأن ترى طرقا أخرى للتبشير غير ذلك ولكن عرفت مصر التبشير بهذه الطريقة مع الحملات الاستعمارية الفرنسية والإنجليزية منذ منتصف القرن الثامن عشر وكانت تهدف هذه الحملات إلى استهداف الكنيسة القبطية ذاتها ولذلك نرى هذه الطريقة تمارسها بعض الطوائف الإنجيلية وبعض المتشددين الذين أصيبوا بداء التشدد من الكنيسة المصرية بشكل لا علاقة له بأى بعد اجتماعى أو سياسى.
ومن الغريب وفى حضور القنوات المسيحية الآن نجدها كالعادة تستغل مثل هذه الوقائع وتعزف على العواطف الدينية المسيحية بهدف إثبات الذات والاستفادة المادية وتخيل دور البطولة مع المسيحيين لتحقيق أهداف سياسية مثل الانتخابات خاصةً هؤلاء الذين يحصرون ويحاصرون الأقباط فى ممارستهم السياسية فى خندق الطائفية الضيق فوجدنا من يقول إن الدستور يقول بحرية الاعتقاد وأنه لا يوجد قانون يحرم التبشير. نعم المادة 64 من الدستور تقول: حرية الاعتقاد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون. نعم لا يوجد قانون يتحدث عن التبشير من الأساس لأنها ليست قضية مطروحة لأسباب كثيرة معروفة. ومع ذلك فالدستور الذى يقدم المادة بإطلاق حرية الاعتقاد فالمقصود هنا الحرية المعنوية والذاتية التى تنحصر بين الإنسان وبين الله والدليل عند الحديث عن حرية العقيدة فى إطار الممارسة العملية وإقامة دور العبادة حددها الدستور بالقانون الذى لم يصدر بعد كما أن هذا كله لا يحق لغير أصحاب الأديان السماوية ومع ذلك هل هذا الأسلوب الخاطئ فى التبشير الذى يفسر النص بشكل حرفى يتواكب ويتواءم الآن مع ظروف الوطن بشكل عام؟ وهل الدستور يتم التعامل معه بالقطعة أم بروح الدستور؟ وهل مثل هذه الممارسات المتشنجة وغير الحكيمة يمكن أن تساهم فى التوحد الوطنى والتوافق المصرى وتساعد على وحدة المصريين لإمكانية مواجهة التحديات التى تهدد الجميع؟ وهل هذه ممارسات تحتاجها المسيحية من مثل هؤلاء وبهذه الطريقة؟ أم أن هذه الممارسات تعطى الفرصة للمتربصين بأن يشعلوا نيران الفتنة الطائفية التى هى مسعى للكثيرين فى الداخل والخارج؟ حمى الله مصر من التطرف والمتطرفين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة