الصين، حسبما ورد فى رواية جول فيرن «حول العالم فى 80 يوما» الصادرة 1873، كانت عبارة عن حوارٍ ضيقة، تكتظ برجال قصيرى القامة، وحليقى الرؤوس ويتدلى من الخلف ذيل حصان، ونساء قذرات يتسولن بالدعارة.. فكيف استطاعت هذه الدولة أن تتربع على عرش العالم؟.. زرت دولا كثيرة ولم أر أروع من بكين، بشوارعها الرائعة والطرق السريعة والبنايات الفاخرة، وكأنك تسير فى متحف كبير، وكل شىء فى هذه الدولة مذهل، من أنواع الزهور الخلابة التى تزين كل مكان، حتى القطارات السريعة التى تشبه الطائرات، وانتظروا الصين فى السنوات المقبلة، كأكبر مصدر للأسلحة المتطورة، وفوق ذلك هى أرخص دولة فى العالم فى كل شىء.
ليس السؤال المهم هو: هل يمكن أن نصبح مثل الصين؟.. ولكن: هل يمكن أن نفعل مثل الصين؟.. سر النهضة هو صرامة تنفيذ القانون، واجهوا مشكلة المخدرات بالإعدام، فتطهرت البلاد من الوباء بقطع الرؤوس، وفى الشوارع يحمل رجال المرور دفاتر فيها أوراق لكشف التعاطى، يضعها السائق تحت لسانه وبعدها إما الحياة وإما الشنق، وعندنا حدث ولا حرج عن الترامادول، وعندما أراد أسامة هيكل أن يتصدى للمدمنين فى مدينة الإنتاج الإعلامى، قاموا ضده بثورة، ولولا عزيمته ووقوف الدولة بجانب الحق لأطاحوا به، وواجهوا مشكلة زيادة النسل بتعقيم جيل بكامله، وتحديد المسموح به بطفل واحد، ولم يخرج من يفتيهم بكلام عن الرزق والحرام والحلال.
باليوم والساعة تتم إزالة الأحياء العشوائية القديمة، وإحلالها بمناطق سكنية عصرية، ولا تستغرق الإزالة والبناء أكثر من عام، وحتى عام 2035، ستكون بكين مدينة جديدة بالكامل، وفقًا لمخطط نموذجى يراعى كل الأبعاد العصرية والحضارية، وهم لا يضيعون وقتهم فى اللجان والتظلمات وحقوق الإنسان والفضائيات، فكل قاطنى منزل قديم يعرفون موعد إزالته، وأمامهم ثلاثة اختيارات، إما أن يحصلوا على التعويض بسعر السوق، وليس بالملاليم التعسفية، وإما أن يقبلوا سكنا بديلا توفره لهم الدولة لحين عودتهم إلى نفس المكان القديم، أو تعرض عليهم مساكن بديلة ينتقلون إليها، ولا تسمع بكاءً ولا صراخاً ولا عويلا، ولا نساءً يندبن أمام الكاميرات، لزوم التسخين وجذب المتفرجين.. لأنها دولة منضبطة وشعب يحترم القانون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة