أقصر خطبة للعالم الشيخ
عبد القادر الكيلانى
"رحمه الله "
صعد المنبر وقال:
لقمة فى بطن جائع خير من بناء ألف جامع..
وخير ممن كسا الكعبة وألبسها البراقع..
وخير ممن قام لله راكع..
وخير ممن جاهد للكفر بسيف مهند قاطع..
وخير ممن صام الدهر والحر واقع..
وإذا نزل الدقيق فى بطن جائع
له نور كنور الشمس ساطع..
فيـا بشرى لمن أطعم جائع ..
ثم قام الشيخ وصلى بالناس ..
لقد أكرمنا الله سبحانه وتعالى فى بنك الطعام المصرى بإستخدامنا لنفع عباده من الفقراء والمساكين من المحتاجين الحقيقين وباق من الزمن خمسة أعوام على تحقيق حلمنا وهدفنا فى بنك الطعام المصرى بالقضاء على الجوع فى مصر، مما يتطلب جهدا خارقا منا وتكاتف جميع المصريين معنا لتحقيق ذلك فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، التى تمر بها مصرنا الحبيبة نتيجة للمتغيرات الاقتصادية والسياسية والمؤامرات، التى تحاك للنيل من وطننا الغالى ويتواكب ذلك مع منافسة شرسة شريفة ومحمودة ومطلوبة من خلال والحمد لله مؤسسات وجمعيات وهيئات مجتمع مدنى كبيرة ظهرت مؤخرًا، وتقدمت تطوعًا للقيام بدورها لسد القصور والنقص والخلل فى خدمات واحتياجات المواطنين وبالذات الفقراء والمهمشين، والتى تنوء الدولة عن حملها والتصدى لها لأسباب كلنا نعلمها جيدًا.
ومن تأمل الشريعة الربانية وجد أنها أولت معايش الناس وأرزاقهم عناية عظيمة، فسدت كل طريق لاحتكار الطعام، أو التضييق على الناس فيه، وفتحت كل طريق يؤدى إلى إطعام الطعام وبذله، ورتبت عليه الأجر العظيم..
وسبب ذلك أن الطعام ضرورة لا انفكاك للإنسان عنها، ولا يصبر على فقدها، واختلال هذا الجانب يؤدى إلى الاضطرابات والفتن وغياب الأمن، والتاريخ القديم والمعاصر يدلان على ذلك، فأكثر الثورات على مر التاريخ هى ثورات البطالة والفقر والجوع وثورات الخبز.
قال تعالى:
" وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا " [الإنسان:8-9]
ومن أوائل الخطب النبوية المكية فى المرحلة السرية سأله عمرو بن عَبَسَة: " ما الإسلام؟ فقال صلى الله عليه وسلم: طِيبُ الْكَلاَمِ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ" رواه أحمد.. فكان إطعام الطعام حاضرًا فى أول خطابات الدعوة المكية، ولما هاجر إلى المدينة كان خطاب النبى الكريم صلى الله عليه وسلم فيه ذكر الطعام، إذ قال عند مقدمه للمدينة المنورة:
((يا أَيُّهَا الناس أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ وَصَلُّوا بالليل وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ)) رواه الدارمي..
وسئل النبى صلى الله عليه وسلم: ((أَى الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قال: تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ على من عَرَفْتَ وَمَنْ لم تَعْرِفْ)) متفق عليه..
وفى أوصاف الأبرار، وذكر أعمالهم التى استحقوا بها الجنة، كان من أعمالهم ?وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ? [الإنسان: 9]..
كما كان من أوصاف أهل النار، وذكر أفعالهم التى أوجبت لهم النار أنهم حبسوا الطعام عن المحتاجين، ولم يدعوا غيرهم للإطعام ? مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ المِسْكِينَ ? [المدَّثر: 42-44] وفى آيتين أخريين ? وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ ? [الحاقَّة: 34]..
وفى الركن الثالث من أركان الإسلام فرض الله تعالى الزكاة فى الحبوب والثمار، وفرضها فى بهيمة الأنعام، وكلها طعام وتنتج طعاما، ولم يكتف بفرضها فى الأموال فقط مع أن الأموال يشترى بها الطعام.. وخصت زكاة الفطر من رمضان بالطعام، وهى فى الفرض سابقة لزكاة الأموال..
وأُدخل الإطعام فى كل الكفارات: ففى كفارة القتل وكفارة الظهار وكفارة الوطء فى نهار رمضان، فى كل واحدة منها إطعام ستين مسكينًا، وفى كفارة قتل الصيد الحرام إذا لم يجد مثله قوم قيمته واشترى بها طعامًا للمساكين، وفى كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، وفى فدية ارتكاب محظور فى الإحرام إطعام ستة مساكين..
ولما شرع الله تعالى التقرب إليه بالهدايا والضحايا أمر بالإطعام منها ? فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ ? [الحج: 27] وفى آية أخرى ? فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالمُعْتَرَّ ? [الحج: 36].
ومن أسباب النجاة من عذاب النار بذل الطعام للمحتاج إليه ? أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ ? [البلد: 14] أي: بذله فى المجاعة.
وبعد كل ما سبق ذكره من فضل إطعام الطعام أدعو الجميع للسعى للدعوة للتبرع لبنك الطعام المصرى، والذى يعد من أفضل مصارف الزكاة شرعًا حسب الفتوى الرسمية من دار الإفتاء المصرية، وأن يبدأ كل واحد منا بنفسه من خلال تخصيص قدر جيد مما أفاض الله به عليه من مال أو زكاة وتقديمه لبنك الطعام، الذى كلفنا المولى سبحانه وتعالى به وإستخدمنا للقيام عليه لرعاية ومساعدة أخوتنا وأبنائنا الفقراء فى مصر من خلال برامج المساعدة والتنمية المتنوعة وهو المطلب الذى نطالب به كل الناس من خلال الإعلان والإعلام والذى واجب على كل واحد منا أن يكون القدوة للآخرين ثم من خلال دعوة الآخرين من دائرة معارفه وعلاقاته.. وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.. وعلى الله قصد السبيل..اللهم إنا نوينا نفع عبادك فأعنا على ذلك إنك على كل شيء قدير والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات..
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة