صبرى الديب

نجوم دولة مبارك

الخميس، 30 يوليو 2015 08:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أتعجب كثيرا لحال العشرات ممن يسمونهم بـ (رموز) الإخوان، والسلفيين، والتيارات السياسية، والحزبية، وهم يتشدقون بادعاءات كاذبة ومزيفة عن بطولاتهم ونضالهم المزعوم خلال فترة حكم مبارك، على الرغم من أنهم أكثر الناس علما بالكيفية، التى كانت تدار بها الدولة فى ذلك الوقت، وكيف كانوا مجرد أدوات يحركها (الأمن) كيفما يشاء، ووقتما يشاء، ويمنحهم ويمنعهم طبقا للدور المطلوب من كل منهم تنفيذه، دون أن يجرؤ أى منهم على (مجرد التلميح) باعتراض.

ولأن الكذب وادعاء البطولة والنضال والورع والتدين قد زاد عن الحد.. أروى تلك القصة التى كنت خلالها (شاهد عيان) وعلى صلة وثيقة بكل أطرافها، والتى تلخص باختصار (كيف كانت تدار الدولة فى عصر مبارك؟ ) لعله يكون لدى هؤلاء الكذابين (ذرة من الحياء) ويكفون عن الكذب، ويختفون عن المشهد بعد أن مل الجميع من طلتهم العبثة يوميا على شاشات الفضائيات.

فى عام 1995 طرح الدكتور (حلمى نمر) ــ الأمين العام لمجلس التعاون العربى، ورئيس جامعة القاهرة، ونقيب التجاريين ــ نفسه كمرشح عن مقعد الفئات بدائرة أبو كبير بالشرقية، وهو المقعد الذى كان يستحوذ عليه الرجل لـ 3 دورات سابقة بحكم قربه فى ذلك الوقت من صناعة القرار، والمناصب القيادية، التى كان يتقلدها، ووجود شقيقه اللواء (أمين نمر) على رأس أحد الأجهزة السيادية.. إلا أن النظام كان قد قرر التخلص من الدكتور نمر وإسقاطه فى تلك الانتخابات بعد أن أقنع تيار من داخل ساسة الحزب الوطنى مبارك بأن تقارير أمنية رصدت وجود اتصالات بين الدكتور نمر وقيادات من جماعة الإخوان المسلمين، ودللوا على هذا بتقرير أمنى أكدت حضوره لحفل إفطار نظمته الجماعة الإخوان المسلمين، وعلى الرغم من أن الرجل لم يكن له علاقة بالإخوان، إلا أن القرار كان قد اتخذ بـ(ذبحه) وإبعاده عن المشهد السياسى بشكل نهائى.

ورغم أن تاريخ الرجل كان لا يسمح بأن يتم إسقاطه بسهولة، إلا أن الظروف كلها كانت فى صالح النظام فى ذلك الوقت، حيث كان مجلس التعاون العربى قد تم حله، بعد الاجتياح العراقى للكويت، وخرج اللواء (أمين نمر) من الخدمة.. وقرر اللواء حسن الألفى وزير الداخلية فى ذلك الوقت، الدفع بابن عمه وصهره فى ذات الوقت، اللواء (محمد أبو صالح الألفى) كمرشح على ذات المقعد، وإزاحة الدكتور نمر.

وأذكر أنه إحساسا من مبارك بالحرج من التاريخ المشرف للدكتور نمر، قرر بعد لقاء معه ترك الدائرة مفتوحة وعدم إعلان اسم بعينه كمرشح للحزب الوطنى بالدائرة.. وهنا كانت بداية المعركة، التى انحازت فيها الأغلبية العظمى من أهالى الدائرة ضد السلطة والأمن مع الدكتور نمر، فى الوقت الذى دفع فيه وزير الداخلية فى اتجاه مساندة ابن عمه.. وشهدت عملية التصويت تجاوزات غير مسبوقة لصالح اللواء الألفى.

ولا أبالغ، إننى كنت قد قرأت المشهد جيدا من أول لحظة، وقررت أن أرصد كيف سيتصرف اللواء (أمين نمر)، فى مواجهة إرادة وزير الداخلية، الذى كان مازال يقبع على السلطة.. ولذلك حرصت على أن أكون خلف اللواء مباشرة، بل كدت أن أكون ملاصقا له، وفوق رأسه وهو يجلس مندوبا عن شقيقه فى لجنة الفرز بمدرسة أبو كبير الثانوية بنات، فى مشهد يجسد (كيف كانت تدار الدولة فى عصر مبارك).

ولأن اللواء نمر كان قارئا جيدا للواقع، ويعلم طبيعة المرحلة والنظام الذى كان جزءا منه لسنوات، فقد رأيت الرجل يتعامل بمنتهى الهدوء مع مشاهد مستفزة للغاية، مثل اكتشاف صناديق يوجد بها أصوات تزيد بمراحل عن العدد المحدد للجنة، وصناديق يوجد بها ورق تصويت مصور، وغيرها من المواقف التى كان يحاول كشفها على طاولة الفرز.. وفى النهاية.. خرج الرجل، وهو عاجز عن أن يفعل شيئا لشقيقه، وتم إعلان فوز اللواء (الألفى) بفارق 33 ألف صوت عن الدكتور نمر، وتحقق للنظام ما أراد .

وظل محمد أبو صالح الألفى، يتعامل فى الدائرة طوال فترة وجود اللواء حسن الألفى فى موقعه كوزير للداخلية، وكأنه (طاوس) لدرجة أن البعض كانوا يستقبلونه بالسيارات من نهاية طريق بلبيس الصحراوى لاصطحابه بزفة حتى مدينة أبو كبير، وتقام له الولائم والأفراح، لدرجة أن المرور كان يتوقف من شدة الزحام فى أى مكان يتواجد فيه.

وفجأة حدثت مذبحة الأقصر فى 17 نوفمبر 1997، وأطاح مبارك باللواء حسن الألفى، وأطاح معه بالصلاحية والبريق، الذى كان يغلف محمد أبو صالح الألفى، الذى انفض الجميع من حوله بزوال السلطة عن حسن الألفى.

وجاءت الانتخابات البرلمانية فى عام 2000 إلا أن الألفى الذى جاء به النظام للتخلص من الدكتور نمر لم يقرأ الصورة جيدًا، ولم يعلم أن رصيده كان قد نفد بإقالة حسن الألفى، فقرر خوض الانتخابات مرة أخرى. . وكما حرصت على أن أكون أقرب الناس من اللواء أمين نمر فى لجنة فرز الأصوات، لأرصد ماذا سيفعل لشقيقه فى انتخابات 1995 (فى مشهد يجسد كيف كانت تدار الدولة فى عهد مبارك) حرصت على أن أيضا على أن أشاهد اللواء الألفى وهو فى لجنة الفرز فى انتخابات عام 2000 لأستكمل المشهد.

وأذكر أننى عندما وصلت إلى مدخل لجنة فرز الأصوات بمدرسة أبوكبير الثانوية بنات، وجدت اللواء الألفى يجلس فى مدخل المدرسة مع شخص آخر فقط، فى حين كان كل المرشحين أو ينوبون عنهم جميعا فى الطابق الثانى يتابعون عملية فرز الأصوات.. فدخلت إلى المدرسة واتجهت نحوه، وعندما رآنى وقف واستقبلنى بترحاب مبتسما.. وسألته: إيه الأخبار فوق؟ فضحك وقال: فوق.. فوق فيه.. فيه.. .. كبيرة.. فضحكت بشدة، وظللت أضحك.. ومن شدة الضحك سألنى متعجبا: أنت بتضحك على إيه؟ .. فأجبته وأنا أضحك: على.. الكبيرة.. وبالفعل خرجت النتيجة ولم يحصل الألفى سوى على ألفى صوت فقط، بعد أن أنجحه النظام فى الدورة السابقة بفارق 33 ألف صوت عن أقرب منافسيه.

هكذا كانت تدار دولة مبارك.. وهكذا كان تضع من تريد وتزيح من تريد، حتى الإخوان والسلفيين وكل القوى السياسية والحزبية ومن يدعون البطولة الآن كانوا يؤمرون، ولا يجرؤ أى منهم على أن يعترض، وكان الأمن يعطيهم ويمنعهم ويحركهم وقتما يريد، بل إن كثيرا منهم عملوا مع الأمن كمخبرين ومرشدين على زملائهم، والآن يتحدثون عن بطولات ومعارك زائفة ضد نظام مبارك.

كفاكم كذبا وتواروا أو ابتعدوا عن المشهد أثابكم الله، فقد مللناكم وكرهنا رؤية وجوهكم العابثة.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

الدكتور مختار عبد الصمد

صحيح كل ما تكتبه .. بس زهقنا من الكلام عن مبارك و رجال مبارك و كفانا نظر للخلف !!

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة