يا له من شعور محرج ومؤسف بل ومؤلم جدا حين تتعرى فجأة أمام الناس!! ويرى الناس عيوب جسدك التى لطالما أخفيتها بأحلى الملابس، مدركين أن تعريك لم يكن بقصد منك!! ولكن قد يصدف أن تنكشف ملابسك دون أن تعلم وينظر إليك الناس نظرة لا تحسد عليها، نظرة كلها استغراب وتعجب!! فتنكشف لهم عيوب في جسدك التى أخفيتها عنهم طويلا.. وحدك كان من يراها بينه وبين نفسه.. فما هو شعورك وقتها وحينها؟ أنا على يقين بأنكم لا تريدون حتى مجرد التفكير بهذا الأمر بسبب فظاعة وقسوة الشعور.. لذلك اعتذر منكم لوصفى هذا ولكن قد تستغربون بان هذا الإحساس قد يعيشه كل واحد منا فى لحظة من اللحظات أو فى أى موقف من المواقف أن التعرى الذى أقصده ليس تعرى الجسد وظهور عيوبه أمام الناس ولكن ما قصدته هو تعر آخر مخالف تماما لما ورد فى أذهانكم الآن ما اقصده هو تعرى الفكر والرأى والموقف لبعض الشخصيات الكبيرة من وزراء ونواب وقياديين وحتى الخطباء والمؤثرين فى المجتمع أمام الناس وعلى الملأ.. فعندما يكونون فى مقابلة أو لقاء تلفزيونى أو صحافى أو إذاعى أو حتى عندما نلتقى ببعض هؤلاء الأشخاص فى ندوات ومؤتمرات وتدور بيننا وبينهم أحاديث ونقاشات ومواضيع هامة حول الأحداث الجارية فى المجتمع أو في العالم ويتم طرح هذه المواضيع للنقاش وللحوار والكل ينتظر منهم الإجابة والرد والتعليق. لتوضيح موقفهم وقرارهم الذى سيتخذونه في هذا الأمر.. حينها ينكشفون أمامنا ويتعرون لأنهم يتكلمون بما لا يفهمون ويصرحون بما لا يعرفون ويجهلون القوانين وشرعيتها ودستوريتها. والمخزى إنهم يوعدوننا فى مقاراتهم الانتخابية عندما كانوا مرشحين ويخذلوننا فى جلساتهم البرلمانية عندما يصبحوا نواب الأمة. هنا ما اقصده من تعر.. لقد كنت أقصد عرى المعرفة والفكر والمعلومة والرأي السديد وعرى فى المواقف الثابتة، وللأسف هذه حالة أغلبيتهم.. وفعلا هم ابتلاء وبلاء على البلاد والعباد، وللأسف أن هذه الغالبية هم من يقررون لنا مصيرنا وهم من يصرحون عنا وهم من يناشدون لمصالحنا ويطالبون ويشرعون قوانين لحقوقنا ويخططون لمستقبل أبنائنا.. والحقيقة انهم من بحاجة إلى من يخطط لهم ويعلمهم كيف يسترون أنفسهم بلباس المعرفة والعلم والخبرة لأنهم عراة الفكر والعلم. فنحن تنكشف لدينا كل يوم ومع كل موقف عيوبهم التى ستروها بلباس جميل ومغر للجميع وهو لباس الشهرة والمنصب ولباس يفتح لهم الأبواب المغلقة وتخضع لهم رؤوس تطلب رضاهم وتتمنى قربهم والتودد إليهم. وأيضا لباسهم الذى يستترون به لباس يجعلهم يبيعون ضمائرهم ويتنازلون عن قيمهم ويزعزعون ثوابتهم من اجل أرضاء من يلبسهم هذه الملابس الفاخرة.متناسين إنهم إذا كانوا ينامون وتقر أعينهم فهناك عين الله التي لا تنام، فسبحانه يرى ويسمع دعاء المظلوم الذى عيونه ساهرة حرقة وألما لشعوره بالظلم.
وأخيرا.. فكم من عار يحتاج إلى ستر نفسه؟ وكم من متستر بلباس ليس لباسه؟ وكم من يتطلع إلى لباس اكبر منه؟ وكم من محتشم بملابسه أدبا وتواضعا وعلما وثقة بما لديه من علم ومعرفة.
والنهاية الثراء والشهرة والمنصب لا تستر عيوبنا، وإنما العلم والمعرفة والخبرة والبحث وراء الحقيقة هى اللباس الذى يزين صغار القوم ويدخلهم على الكبار بكل هيبة ووقار، ختاما قال تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) صدق الله العظيم.
ورقة وقلم - صورة ارشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة