ما أن شاهد رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب أثناء افتتاح المسجد الأزرق بالدرب الأحمر، تلال القمامة حول المسجد والمنطقة الأثرية، حتى أصدر قراره بإقالة رئيس حى القاهرة، وهو القرار الذى يتبعه فتح ملف المحليات، وهى مستنقع لكل المفاسد والسلبيات والأمراض السياسية المزمنة المتوطنة منذ أكثر من أربعين عاماً، وقد تفاقمت فضائح المحليات حتى أن أحد رجال الأنظمة السابقة وصف الفساد فيها بأنه وصل إلى الركب، وهو وصف يلخص بدقة ما حدث فى هذه السنوات، ولا تزال المنظومة حتى الآن لم يتم إصلاحها، ولا محاولات لتغيير رموزها منذ وقت طويل، وفى تخيلى أنها لا تحتاج إلى إصلاح، بل إلى إزالة ونسف للخريطة القديمة، ورسم خرائط جديدة بديلة، ووضع خطة تتسم بالشمولية واختيار مسؤوليه على قدر المسؤولية، لديهم حصانة ضد الفساد، ولديهم بصيرة للإصلاح الحقيقى.. المهندس إبراهيم محلب بدأ إصلاح المحليات، وقد أطاح بالفعل برئيس مجلس محلى محافظة القاهرة، لانتشار السلبيات التى لا حصر لها على مستوى المحافظة والتى وصلت إلى كل الأحياء بما فيها أحياء منتصف المدينة.. الشوارع أصبحت فوضى وغير نظيفة، والقمامة على الأرصفة بصورة لا مثيل لها فى أى دولة فى العالم، وبجانب هذه القمامة بالطبع تتكاثر الزواحف والفئران والقطط والكلاب بشكل يدعو للأسى مما يشير إلى مخاوف من تفاقم أوبئة، وانتشار أمراض، خاصة مع تزايد درجات الحرارة وتغير المناخ المصرى بصورة ملحوظة، المهندس إبراهيم محلب أدار الموقف بسرعة ودقة وفى وقت مناسب دخل وكر الأزمات لكى ينزع فتيل الفوضى المنتشرة، ويعيد ترتيب الأوراق من جديد ويعمل على تشكيل رؤية جديدة لهذا الملف الملتهب، إلا أننى فى غضب مما يحدث، أفلم يكن من الأنسب أن يتخذ هذه الخطوة محافظ القاهرة بنفسه.. فقد اعتاد المسؤولون فى مصر إلقاء خطوة اتخاذ القرارات على رئيس الدولة أو رئيس الوزراء.
وهذا التقليد المتوارث منذ عهد لآخر، كان من شأنه تأجيل المواقف والقرارات المهمة، بل كان من نتائج أن أغلب القرارات التى تتخذ لم تكن فى وقتها، وكم كان التأجيل هذا آثار سيئة، وغياب التنسيق، وأقول لماذا لم يحاسب محلب محافظ القاهرة، الوقت حان ليعرف المحافظون المصريون ما عليهم وما لهم، ويتخذون قرارات تطهير الأماكن الحساسة من المفاسد، ومن كل ما يرجع بالعمل إلى الوراء، وكنت أتمنى أن يكون رئيس الوزراء محلب حاداً فى رد فعله وحاسماً، ليعاقب المخطئ العقاب المناسب، كان عليه أن يقيل محافظى القاهرة والجيزة وكلتاهما قد امتلأت شوارعهما بتلال القمامة، والمحافظتان هما واجهتا مصر.. فإذا كانت الواجهة بهذا الأسلوب.. فماذا يفعل مواطنو الأقاليم؟ هل يعيشون وسط القمامة والزواحف والفئران والقطط؟!
لابد أن يزرع ملحب روح التحدى عند المسؤولين، لأن لا أحد فوق القانون.. نعرف أن محلب بلدوزر، بل هو رجل خارق يمشى فى الشارع بدون حراسة، ويمكنك أن تراه أمامك فى أى مكان، ولهذا أتمنى أن يتعلم منه المسؤولون الحزم وسرعة القرار ليخرج المسؤولون عن سكونهم وسكوتهم المعتاد ويتحولون إلى مسؤولين فعالين متحركين.. ولعل حركة رئيس الوزراء البلدوزر تكون حافزاً لهم لكى تتحرك أياديهم لاتخاذ القرارات والتطوير والتطهير.. أتلفت حولى وأندهش لماذا لا يترك محافظ الجيزة؟ لماذا لا يثور على فوضى الشوارع وغياب النظافة، ولماذا لا يتابع بنفسه كيف تتطور المحليات هناك.. نحن فى أزمة كبيرة ولا علاج لها سوى بالتعرف على المشاكل والبحث عن طرق علاجها.. الأمر يحتاج إلى مزيد من الجهد.. لقد ترك محلب الرجل البلدوزر مكتبه المكيف ونزل إلى الشوارع والحارات والعشوائيات، وعلينا أن نتعلم منه كيف يكون الإنجاز، لأن محلب وحده ليس قادراً على حل كل شىء فى مصر.. لابد من مساندة المسؤولين من بعده حتى يستقر السلم الإدارى، لكنى مطمئن طالما دخل محلب عش الدبابير الذى يعرف بالمحليات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة