قال الله تعالى «ومن كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا»، المراد هنا هو عمى القلب، وقال العزيز الحكيم سبحانه وتعالى «فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور»، وسبب عمى القلب هو الجهل والغفلة والنسيان وبعد العهد عن ربه، والجهل هو استيلاء الصفات الظلامية على العبد كالكبر والحقد والحسد والبخل والعجب والنميمة والكذب والأكل الحرام وحب ارتكاب الكبائر والخيانة، وكلها صفات تبعد القلب عن ربه وينال بها كراهية الرب والإنسان وحتى الحيوان، ثم فوق كل ذلك تأخذه هذه الصفات إلى أسفل السافلين حيث الغضب والظلام الذى لا فكاك منه.
أما كيفية الخروج من دائرة الغضب الإلهى والتخلص من كل هذا الظلام ومن الضياع المعنوى والحسى، فهى بصقل مرآة القلب الذى غطته غلالات من الظلام بالتوحيد وبالعمل الصالح وحب الناس، وخاصة حب الفقراء والصدق ومجاهدة النفس ومخالفة الهوى ورفض الشيطان وكل ما يأتى به من خدع ومكائد. أما ثمره العودة إلى الطريق المستقيم فهى عودة الحياة للقلب من نور الأسماء والصفات، وهذا يجعله يتذكر موطنه الأصلى فيشتاق إليه، وبالتالى يصل إليه بعناية الله خالق الملكوت كله فهو الخلاق العظيم، وبعد ارتفاع الحجب الظلامية يصير العبد منورا بنور الأسماء والصفات، حتى ترتفع الحجب تدريجيا فينير بنور الذات.
قال الإمام الغزالى:
حياة القلب علم فادخره......
..وموت ا لقلب جهل فاجتنبه
وخير مرادك التقوى فزده
كفاك بما وعظتك فاتعظه
فحياة القلب هى الحياة، ذلك لأنه ترمومتر الإيمان، والعضو الذى ينظر إليه الله جل جلاله، وهو المهيمن على الجسد، وهو المضغة التى إن صلحت صلح الجسد كله، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإنه وعاء كل المشاعر والنيات، وإذا كان الوعاء صالحا تقبل كل ما هو صالح مثله، والقلب الصالح يلفظ كل ما هو سيئ، ومن أشهر أقوال الصوفية أن للقلب عيونا ترى ما لا يراه الناظرون، أى أن القلب يرى من الأسرار العلوية النورانية ما لا تراه عيون الآخرين. اللهم طهر قلوبنا حتى نصبح صالحين للتلقى عنك.
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
اللهم اجعل قلوبنا صالحه ومبصره حتى نلقاك
بدون