ناديت فى مقال أمس بضرورة إعادة الاعتبار المادى والمعنوى للأديب المصرى، وهو ما سينعكس بالطبع على الأدب المصرى بالفائدة، وليس على الأدب فحسب، بل على المجتمع المصرى، وقوة مصر الناعمة، كما سيسهم فى أن يظل اسم مصر خفاقا عاليا بتجديد دمائها وإحياء دورها، ولا يظن أحد أن إعادة الاعتبار للأدباء يعنى أن نضعهم فى «كادر» خاص، كما يفعل بعض أصحاب المهن الأخرى، فلو كان الأمر هكذا لكان أمرا بسيطا، لكن هو عمل سلسلة من الإجراءات تؤدى فى النهاية إلى إعادة الاعتبار المعنوى ثم المادى.
يجب أولا أن تهتم الدولة بإنتاج الأفلام المأخوذة عن روايات مصرية، وهو الأمر الذى سيكون له فائدة كبيرة، سواء على المستوى الفنى أو المستوى المادى، فتنوع النص الروائى سيؤدى فى النهاية إلى تنوع الفيلم السينمائى، وبالتالى ستتخلص من «سينما العاصمة» أو «سينما المدن» لتصبح «سينما الجميع»، كما أن هذا سيعود بالطبع بالنفع على الكتاب الذين سيضمنون ترويج أعمالهم وزيادة شهرتهم وأموالهم.
ثانيا يجب على الدولة أيضًا أن تعتمد على زيادة «المسابقات الأدبية» حتى لو اضطرت إلى تمويل هذه المسابقات بدعم عربى أو خليجى، ففوز عمل إبداعى بجائزة سيضمن التركيز الإعلامى عليه، كما سينعكس على مبيعاته بشكل كبير، كما سيضمن فى إنعاش الحالة الاقتصادية للأديب وزيادة موارده.
ثالثا يجب على اتحاد الكتاب أن يبذل الكثير من الجهد فى سبيل حصول الكتاب على مستحقاتهم من دور النشر، سواء بالترغيب أو بالترهيب، فاتحاد الكتاب هو تجمع أهلى يعمل عمل النقابات المهنية، ولو كانت القوانين لا تساعد اتحاد الكتاب فى هذا الأمر فعليه أن يعمل على تغيير القانون فى القريب العاجل، وحتى هذا الحين فعلى الاتحاد أن يرغب دور النشر فى التعامل «المحترم» مع الأدباء ولو حتى عن طريق عمل «تصنيف سنوى» على غرار تصنيفات الفوربس لدور النشر الأكثر احتراما فى التعامل مع الأدباء، والإعلان عن هذا التصنيف فى حفل كبير أو حتى فى مؤتمر صحفى يضمن ترديد اسم دار النشر هذه، وإفادتها ماديا عن طريق زيادة مبيعاتها، ومعنويا عن طريق تحسين سمعتها.
المطلوب أن يعمل المجتمع المصرى كله على الاحتفاء بالأدب والأدباء وهو ما سيعيد الاعتبار إليهم، وبالتالى سيرفع عنهم ما يعانون منه الآن، ففى الغرب يتفننون فى إطلاق المنح والجوائز للأدباء، كما يصنعون عشرات الأفلام التى تتناول حياة أدبائهم وشعرائهم وفنانيهم، ما يجعلهم يتعاملون مع الأدب باعتباره «ثروة قومية»، تستحق أن يبذل فى سبيله الاعتناء بها كل الجهد، فما بالنا نبذل كل ما فى وسعنا من أجل «تبديدها».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة