ناصر عراق

الحب فى زمن «التوك توك»

الثلاثاء، 07 أبريل 2015 03:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أقبلت الفتاة العشرينية تسبقها ابتسامة ملوّنة وسألته: هل مازال هناك مكان للحب فى هذا الزمن البغيض؟

انزعج الرجل الكهل الذى قارب الستين، لكنه لملم أشلاء انزعاجه، واسترد ابتسامته المطمئنة، وقال بحس أبوى: الحب شجرة مضيئة تنير القلوب فى كل زمان وأى مكان.

بسرعة توائم حيوية شبابها المتدفق، همست الفتاة ذات العينين الواسعتين: لا.. لا.. لا أقصد حب الأم لابنها أو الأب لأولاده.. أنا أتحدث عن الحب بين المرأة والرجل تحديدًا.

ابتسم الرجل وهز رأسه كأنه كان يعرف ما تعنيه بسؤالها، وأجاب بمكر محبب أخجل الفتاة قليلا: أدرى يا بنيتى أنك تتحدثين عن القلب ولواعجه، عن ارتعاشة الجسد وسمو الروح.

ثم عاد بظهره إلى الوراء، ورمقها بنظرة كلها حنو، وقال: مادام هناك رجل وامرأة على هذه الأرض، سيبقى الحب تفاحة تشتهيها الأنفس، وتسعى خلفها الأبدان، وما دام هناك رجل وامرأة، فالحاجة إلى الاكتمال تضغط على أعصابهما ضغطا شديدًا حتى يلتقيا فيكتملا ويندمجا ويسعدا.

- لكن ياأستاذ.. قسوة الزمن الحالى أفقدت الشباب مشاعرهم، واختزلت الحب فى البحث عن الغريزة وإطفاء نيرانها.

طافت عصفورة عابسة على جفنى الرجل مؤقتا، ثم عاد وقال متكئا على حكمة مستقرة: اسمعى يا صغيرتى.. الحب موهبة.. لأنه..

قاطعته مندهشة: الحب... موهبة؟

- أجل... الحب موهبة.. مثل الرسم والشعر والغناء والتمثيل.. لا يختص بها إلا عدد قليل من البشر، وتتمثل موهبة الحب فى أن صاحبها يمتلك قدرة مذهلة على خصم جزء من ذاته، ليمنحه إلى الحبيب وهو راض وسعيد. أى أن عدد الذين يحبون بحق قليل دومًا، ومع ذلك لا يمكن أن نتخيل الحياة بدون العشاق والمحبين.

بحزن وأسى صاحت: معنى كلامك يا سيدى.. أن فرص لقائى بالعاشق المفتون قليلة.

أجابها مبتسمًا: لا على الإطلاق.. إذا كنت موهوبة فى الحب، فستجدين النصف الموهوب الآخر بسهولة، لأن الأحبة تتلاقى، فالحب موجود فى زمن الكوليرا، كما هو موجود فى زمن «التوك توك»!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة