لم يكن الأبنودى وحده الذى حمل شعلة الوعى وجاء إلى المدينة، فهو واحد من سلسلة «الصعايدة» الذين قادوا حملات التنوير فى «قلب القاهرة» القادمون من قراهم البعيدة ومن تحت شمسهم الحارقة التى أدفأت أرواحهم وقلوبهم جاءوا كى يمنحوا المدن قدرا كانت تحتاج إليه كى تكتمل شخصية مصر «العظيمة» وهم حققوا أحلامهم وأحلام الصعايدة فى أن يكونوا جزءا من العالم الثقافى المصرى، وهى سلسلة طويلة، يجمع بينها أنها تحدت الصعاب.
عبدالرحمن الأبنودى.. الموال الأخضر
استطاع الأبنودى أن يحطم صورة «شاعر البرج العاجى» الذى ينظر للناس من خلف زجاج قصره، فهو المعجون بهموم العامة والصعلوك الموهوب الذى مسه جنى الشعر، ويظل أبطال قصائده خاصة أحمد سماعين فى ديوانه «أحمد سماعين.. سيرة إنسان» أكثر الكتابات التى عبرت عن صورة «الصعيدى» الذى لا حول له ولا طول إلا «الحب» والأبنودى فى هذا الديوان وفى كل كتاباته الشعرية يراهن على «الحب» ويكسب فى النهاية هو وكل أبطاله ومنهم «حراجى القط وسيد طه وأحمد سماعين وعبدالعاطى وجمال عبدالناصر».
عاطف الطيب.. 42 عاما لا تكفى
الصعيدى القادم من سوهاج ليموت عن عمر لا يتجاوز 42 عاما عام 1995، بعد أن حقق شهرة كبيرة بمجموعة من الأفلام التى يعشقها الجمهور ويعترف بقيمتها، ويظل فيلمه الأفضل «البرىء» الذى كتب أغنياته عبدالرحمن الأبنودى، يرسم صورة الصعيدى الطيب التائه فى ظل الأنظمة الفاسدة القائمة، فأحمد سبع الليل رمز للقهر الذى يمارس على أبناء الشعب المصرى.
أمل دنقل.. الصعيدى الجدع
رحل فى عام 1983 وهو الصنو الثانى للأبنودى والقادم معه من قلب الصعيد ليخط خطا «منفردا» فى القصيدة العربية، جاء محملا بمفهوم جديد عن الشعر، وراسما صورة مغايرة لـ«الجنوبى» ومحملا بنبوءة الشعر ومحدقا فى الأمام ليرى ما لم نره.
وتظل قصيدته «لا تصالح» التى تنتمى لديوانه «أقوال جديدة فى حرب البسوس» تعكس شخصية الصعيدى الثابت على «موقفه» فرغم المعاناة والألم، ظل صائحا بصوته فى وجه الجميع «لا تصالح».
يحيى الطاهر عبدالله.. شجن الحكاية
عندما سأله أحدهم: جئتم تركبون قطار الدرجة الثالثة من الصعيد، قاطعه يحيى الطاهر عبدالله قائلاً: لأننا لم نجد «درجة رابعة».
فى روايته الشهيرة «الطوق والإسورة» وهى رواية يأخذك فيها يحيى الطاهر إلى عالمه الخاص، إلى قرية الكرنك فى النصف الأول من القرن الماضى، حيث الفقر والمرض والجهل والخرافة، حيث الصعيد يدفع الثمن دائما، والرواية ترجمت إلى العديد من اللغات منها اليابانية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية والبولندية، وقدمت فى عرض مسرحى على مسرح الطليعة.
طه حسين.. عميد الثقافة
الدكتور طه حسين عميد الأدب العربى «الرمز» الذى يحوى معنى القدرة على تحقيق المعجزات، بعقله «الصعيدى» الممتلئ بالفكر فقد تحدى ظلامات «الكتب التراثية» وحقق قدرا من الوعى والتنوير، وفى كتابه «الأيام» الذى هو سيرة ذاتية لقهر الخوف والظلام والوصول إلى بر الأمان والنور، ظل رمزا قادما من الصعيد كى يصبح نموذجا حقيقيا للمثقف المصرى فى القرن العشرين.
عباس محمود العقاد.. الجبار
تحدث الزعيم سعد زغلول عن «العقاد» فقال عنه «إنه جبار الفكر» وذلك لقوة منهجه وأسلوبه القوى فى الكتابة والتفكير ولمواقفه القوية وخوضه المعارك الأدبية والفكرية وقوله لكل ما يراه صحيحا، إذن هو نموذج للصعيدى المعتد بذاته، الذى يحمل على عاتقه الوصول إلى غايته، فى كتاباته عن نفسه فى سيرته الذاتية تحدث عن نشأته فى أسوان وحياته. كان صعود نجم العقاد بالقاهرة فى ذلك الوقت.. لافتا بكل تأكيد إلى هذا العبقرى غير العادى الذى تمكن من طرق أبواب الصحف ودور النشر والتألق بكتاباته فى شتى مناحى الفكر.. وبعصر.. هو عصر العباقرة بكل تأكيد.. ففى الشعر كان البارودى وشوقى وحافظ وخليل مطران.. وغيرهم وفى الأدب كان طه حسين وتوفيق الحكيم ومحمود تيمور.. ومى زيادة وغيرهم وفى الفكر كان عبدالرحمن بدوى.. وزكى نجيب محمود.. والسنهورى.. وغيرهم وفى الفقه والتاريخ كان الأفغانى ومحمد عبده وعبدالرحمن الرافعى والكواكبى وغيرهم، وفى السياسة كان سعد زغلول ومصطفى النحاس ومصطفى كامل ومكرم عبيد وغيرهم، وفى الفنون كان محمود مختار ومحمد عبدالوهاب وأم كلثوم والسنباطى ومحمود الشريف وغيرهم.
محمود حسن إسماعيل
الشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل شاعر كبير متميز له لونه الشعرى الخاص به، وقد أثار شعره الكثير من الجدل، فأشاد به بعض النقّاد باعتباره شعراً ذا أبعاد عميقة، وهاجمه آخرون باعتباره شعراً غامضاً بعيداً عن أرض الواقع، يجسد أخيلة مغرقة فى الرمزية.
وقد تشكّل وجدان محمود حسن إسماعيل بكل صور الطبيعة الجميلة التى شاهدها فى قريته النخيلة، وبكل أحزان الفلاحين البسطاء ومعاناتهم، أولئك الذين نشأ بينهم وعاشرهم وتأثّر بهم فتشرّب كل هذه الصور التى عكسها فى شعره طوال حياته.
عبدالباسط عبدالصمد
كأنك تسمع روحك، وترى القرآن بكل جماله متجسدا حولك تشعر بنعيمه وتخشى عذابه، يحدث هذا عندما يبدأ الشيخ عبدالباسط عبدالصمد قراءة آيات الذكر الحكيم.
عبدالرحيم منصور
استقبلت القاهرة أشعار عبدالرحيم منصور وفتحت له صدرها، لأنه كان أقرب تعمقا فى جذور الأرض التى شكلت الوجدان الشعبى واقترابه من سخونة الجنوب فى مشاعر أهله المليئة بالمواويل الحزينة وكتب ديوانه الأول «الرقص ع الحصى» فى أواخر الستينات وقدم مع بليغ حمدى وقتها الكثير من الأغانى لكبار المطربين والمطربات، وبرز اسمه خصوصاً أثناء حرب أكتوبر، فكانت أول وأشهر أغانى النصر من كلماته وتغنى بها أشهر المطربين والمطربات، إلى أن بدأت محطة مهمة فى حياته حين تعرف على المطرب محمد منير وبدأ معه مشوار دام حوالى 10 سنوات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة