خصص الشاعر الغنائى الكبير حسين السيد، فى بداية خمسينيات القرن الماضى، «بدروم» عمارته الكائنة بشارع شريف، بالقرب من وزارة الأوقاف فى وسط البلد، لكتابة أغانيه، بعيدا عن الضوضاء، وكلّف الشاعر رجلا سودانى الأصل يدعى «سرى» معروفا بالشدة والقسوة لحراسة العمارة، وبدأ «سرى» فى التعامل مع قاطنى العمارة وعمال النظافة الذين يقومون بتنظيف «السلالم» بغلظة، لدرجة أنه تعدى بالضرب على واحد من عمّال النظافة «بالكرباج». وذات يوم افتعل «سرى» مشاجرة مع طبيب مشهور يقيم فى العمارة، وتحدث معه بأسلوب حاد، مما أثار غضب الطبيب، واضطر لمهاتفة الشاعر حسين السيد، ليشكو له من «سرى»، ووعده الشاعر بأن يلتقيه لحل الأزمة، وفور أن التقى حسين السيد الطبيب، خاطبه بابتسامة قائلا: «قولى عملك إيه سرى.. سرى اللى بتشكيه قولى.. وأنت الغالى عليه»، وما أن انتهى من الجملة حتى ضحك الشاعر الكبير وقال: «ده مطلع أغنيتى الجديدة»، حسبما حكى المعلم محمد حسن بائع جرائد أمام عمارة حسين السيد لـ«اليوم السابع».
وبدأ حسين السيد يدندن فى كتابة الأغنية الجديدة: «قولى عملك إيه قلبى، قلبى اللى أنت ناسيه قولى، وأنت الغالى عليه غالى عليه قولى.. العين فى العين وأنت ولا دارى بحالى.. والآه تبقى آهين قلبى والفكر اللى جالى.. آه من الاتنين والله خدوا منى ليالى.. كل ده كان فين.. قول لى كان مالك ومالى»، وتغنى بها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب عام 1957 ووضع ألحانها من مقام الهزام، وحققت نجاحا كبيرا، وإلى الآن مازال يعتقد البعض أن الشاعر الكبير كتب هذه الأغنية تعبيرا عن حالة عاطفية كانت قد ألمت به. يذكر أن عمارة «حسين السيد» بوسط البلد، كان يقطن فيها الفنان فايز حلاوة، وزوجته النجمة الراحلة تحية كاريوكا قبل طلاقهما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة