لمحمد المخزنجى، الكاتب والصديق، منزلة عظيمة عند محبيه، لموهبته الكبيرة، ولأنه شخص متسق مع نفسه وأفكاره، هو يعمل فى هدوء، ولم يتكالب على ما يتكالب عليه المتكالبون.. نقاؤه وعذوبته منحا كتاباته قدرة غريبة على النفاذ، صدر كتابه الجديد مساحة صغيرة للدهشة قبل أيام عن مركز الأهرام للنشر، اعتبره «تجربة فى المقال القصصى»، لكنه من وجهة نظرى كتابة إبداعية خالصة، تلمس وترًا مختلفًا، وتترك أثرًا لا تتركه الصحافة عادة، ليس تأملات، ولا صياغة معلومات فى قالب متماسك، ولا رأيًا فى موضوع، أنت أمام كاتب قصة يريد أن يحكى، ترك الطب النفسى قبل ربع قرن، ليجد نفسه صحفيًا، القاص الذى بداخله استوعب المهنة الجديدة.
سرد القصص الذى هو هبة تكاد تكون «جينية» لدى كتابها أو رواتها، تنطوى على منطق فى البناء تجر خطواته بعضها بعضًا، مهما اختلفت البدايات- تبعًا لطريقة كل سارد- من تمهل الاستهلالات الهادئة عند البعض، أو اقتحامات الدخول الصاخب عند البعض الآخر، فبعد ذلك تتصاعد الدراما عبر السرد حتى تصل ذروة نهائية، أو ما بعد الذروة، وهذا المنطق فى البناء السردى الذى هو لصيق بكتابة القصص والروايات ثبت نجاحه فى تاريخ المقال الصحفى.. المخزنجى مثل ماركيز وهيمنجواى ويحيى حقى ويوسف إدريس يكتب بما يعرف، يكتب بخبرته التى حصلها فى مسيرته فى الحياة، ومع الكتابة والسفر، روحه الطيبة ولغته الشفافة ومهارته فى الحكى صنعت من مقالاته أدبًا جديدًا، سعيه لم يكن الصراخ السياسى، بل التماس الدهشة، وتوليد الفلسفة التى هى جذور «حب الحكمة»، وبذور «التفكير فى التفكير».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة