لا يختلف ريجان عن بوش الأب والابن عن أوباما ولا عن أى رئيس امريكى آخر، فكل منهم وضع بصمة شيطانية أدت إلى الربيع أو الجحيم العربى.. ريجان ابتدع نظرية محاربة الشيوعية ونشر الحرية.. وبوش الأب عزف نشر الديمقراطية، ثم جاء الابن بنظرية الفوضى الخلاقة.. أى إغراق دول وشعوب المنطقة فى حروب أهلية تؤدى فى النهاية إلى قيام ديمقراطية إجبارية، بعد أن تنهك الحروب والصراعات شعوبها، فيستسلم الجميع للبديل الديمقراطى، وفقا لنظرية «توازن الرعب».. فماذا فعلوا لتنفيذ نظريتهم الشيطانية؟
فتشت أمريكا فى كل دولة من دول الجحيم العربى عن شيطان داخلى ينفذ «الفوضى الخلاقة»، ويشعل الحروب والصراعات، وابتدعت نظرية «الصحوات الإسلامية»، أى البحث عن جماعات دينية متطرفة تتصدر المشهد السياسى وتفجر القلاقل والاضطرابات والصراعات، وساعدها على ذلك مراكز ودراسات وأبحاث وحقوق الإنسان فى الدول المستهدفة، وكشرت أمريكا عن أنيابها وتخلت عن شعارات الصداقة والتعاون بعد 11 سبتمبر، وتعاملت بالعصا الغليظة والقوة المفرطة، وكانت البداية تفكيك العراق وهدم مؤسساته، وإيقاظ ما سمته «الصحوة الإسلامية» وإشعال الثأر التاريخى بين السنة والشيعة، فحدثت مذابح يندى لها جبين البشرية، ووقفت كوندليزا رايس فوق جثث القتلى ودمائهم تقول عبارتها الشهيرة: «إننا نهدى العراق جنة الديمقراطية التى سوف تهب نسماتها لدول وشعوب المنطقة».
لم يكن فى وسع الدول العربية المستهدفة- إلا مصر- أن تفلت من الجحيم العربى، الذى مهدت له أمريكا منذ سنوات طويلة. ففى اليمن تم إيقاظ السنة فى الشمال على أنقاض نظام حكم على عبدالله صالح، ولكن أمريكا لم تعمل حساب إيران التى تغلغلت وتمددت فى التربة اليمنية منذ سنوات طويلة، فظهر لها الحوثيون، ثم اشتعلت فتنة الانفصال فى الجنوب، وأصبح اليمن السعيد حزينا تحت مقصلة «المضحكات المبكيات»، وكان القذافى ديكتاتورا، وربما قاتلا وسفاحا فقضت عليه أمريكا واستبدلت به عشرة آلاف قذافى من الإرهابيين والقتلة السفاحين، ويكفيها خزيا وعارا أنها صنعت «داعش» الهمج الذين لم يجد التاريخ بمثلهم، وتحولت ليبيا إلى مستنقع الشياطين، السلاح فى يد الجميع والقتل بدون حساب، ويتصدر الأحداث جماعات إرهابية، وتنظيمات ثورية، وقبائل وعشائر، و1700 ميليشيا مسلحة، ومنعت أمريكا والغرب السلاح عن الحكومة الشرعية، وقدمته بسخاء إلى التنظيمات الإرهابية.
أكلت نار الغيرة قلب أمريكا والغرب وبعض الدول العربية، إثر الغارات الجوية المصرية الناجحة على درنة، ووقفوا جميعا فى وجه مقترح التدخل العسكرى، حتى لا يفضح النجاح المصرى فشلهم، وللحيلولة دون بروز قوة إقليمية فاعلة تضبط إيقاع «الفوضى الإرهابية الخلاقة»، ولجأوا إلى أكذوبة الحل السياسى، فى مستنقع لا ينفع فيه حل ولا سياسة، ولا تجدى معه القرارات العربية والدولية الهزيلة، التى تكرس الفوضى العارمة، وترفع شعار «يبقى الوضع على ما هو عليه»، وفى سوريا تطفئ أمريكا الجحيم المشتعل بمزيد من الزيت والبنزين والمتفجرات، بعد أن خصصت ميزانية لتدريب وتسليح المقاتلين الذين أطلقت عليهم «المعارضة المعتدلة»، لتضيف إلى العبث نوعا جديدا من التخبط والفوضى والدمار . أفلتت مصر من جحيم ربيع أمريكا، لأن جيشها قاوم الهجمة البربرية، ولم تنجح فى هدمه وتفكيكه كما فعلت مع الجيوش الأخرى، وأدار المعركة السياسية لصالح الوطن وإقرار الأمن والاستقرار، يد تبنى ويد تحارب الإرهاب فى معركة أصعب من الحروب مع إسرائيل، ولكن النصر آت لا محالة، فلا يمكن لصناع الموت أن ينتصروا على شعب يحب الحياة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة