"زاب".. مغنى راب هز عرش معرض الكتاب.. باع 15 ألف نسخة فغضب ناشرو الأعمال الجادة ومؤلفوها وثار المثقفون ضده.. ويرد على منتقديه: لا أكتب الأدب وتركت بعض صفحات الكتاب فارغة لكى يملأها القارئ

الأربعاء، 11 فبراير 2015 05:08 م
"زاب".. مغنى راب هز عرش معرض الكتاب.. باع 15 ألف نسخة فغضب ناشرو الأعمال الجادة ومؤلفوها وثار المثقفون ضده.. ويرد على منتقديه: لا أكتب الأدب وتركت بعض صفحات الكتاب فارغة لكى يملأها القارئ "زاب" مغنى الـ"راب"
كتبت سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
- زاب: هناك كتابات للمراهقين فى كل أنحاء العالم والمحتوى يتحدد وفقًا للفئة العمرية
- ناشر زاب ثروت: لا نسعى للكسب المادى ونشرنا لكبار الكتاب مثل بهاء طاهر ولدينا لجنة قراءة تختار الأعمال المنشورة وترفض أخرى
- 5 أسباب تدفع للانزعاج من زاب ثروت.. وروائيون: تخلف مناهج اللغة العربية أبعدت المراهقين عن قراءة الأدب فسقطوا فى فخ الأعمال التافهة

زاب ثروت أو أحمد ثروت مغنى راب عشرينى، لم يكتف بشهرته فى مجال الغناء ضمن فريق كاريوكى الذى قدم أغانى ذاع صيتها أثناء ثورة يناير، ثم اتجه زاب للكتابة الأدبية، فأصدر ديوانى شعر عامية، أو تجاوزًا سنسميهما ديوانى شعر عامية، ومنهما إلى ما نسميه تجاوزًا رواية، اختار لها عنوان "حبيبتى"، كتبها باللغة العامية أيضًا، أو بما هو أقل من العامية فلنسميها لغة الشباب التى قد لا يفهمها الكبار، حتى أنه وضع فى بعض صفحات الرواية smile face وكأنه يكتب على الإنترنت.

زاب ثروت باع 15 ألف نسخة فى حفل توقيعه الأول على حد ما صرحت به دار دون صاحبة الإصدار، وتسبب الزحام فى تكسير المقهى الثقافى مقر حفل التوقيع بل والتدافع والإغماءات بين قرائه من المراهقين.

أزعجت ظاهرة "زاب ثروت"، الوسط الثقافى كله، تمامًا مثل ما أغضب الروائيين تجاه الداعية عمرو خالد لكتابة الرواية، ولكن لماذا غضبوا؟، ولماذا رفضوا الاستماع إلى وجهة نظر "زاب" نفسه باعتباره مؤلف العمل؟، وما رأى ناشره فى كل ما قيل؟
فى هذا الملف، يتحدث زاب عن كتابه، ويفسر ناشره لماذا وافق على نشر عمل يوصف بالضعيف فنيًا؟

بداية، اعتذر زاب ثروت، عن عدم الاستمرار فى المكالمة لأنه يقود "الموتوسيكل" فى طريقه لمكان ما، ثم تبرأ مما نشر من سباب وشتائم وأوصاف جنسية فاضحة وخادشة للحياء على حد وصفه على الإنترنت ونسبت إلى كتابه الجديد "حبيبتى"، مؤكدًا أنها صور ملفقة نسبها البعض لكتابه فى إطار الهجوم عليه.

وعن ضعف مستوى روايته فنيًا، رفض زاب وصف "رواية" مؤكدًا أنها ليست رواية ولا ديوان شعر كما قال البعض على لسانه، بل هى مجموعة من الرسائل تتناول معنى كلمة حبيبتى ومن يستحقها فى حياتى أو حياة القارئ، كالأم والأخت والزوجة والوطن من وجهة نظرى.

وعن تركه لصفحات من الكتاب خالية، يقول زاب إنه قصد ذلك حتى يتيح للقارئ فكرة التفاعل معه، أو بمعنى أدق لكى يكتب القارئ رسائل مشابهة فى تلك المساحات.

وأضاف زاب: فى كل أنحاء العالم، هناك كتب للأطفال وكتب للمراهقين وكتب للبالغين، وتختلف طريقة التناول والكتابة وفقًا للفئة المستهدفة من القراء، بل إن التصنيف لفئة عمرية بعينها نفسه يتم بناء على طريقة الكتابة نفسها، وشكر زاب كل من اهتم بقراءة كتابه، بل واهتم بتوجيه النقد له.

الناشر محمد مفيد، صاحب دار دون للنشر، التى نشرت كتاب زاب ثروت، قال لـ"اليوم السابع"، إنها ليست المرة الأولى التى ينشر فيها "زاب" كتابًا بل له أكثر من إصدار من بينها ديوان شعر عامية "أجندة وسلام"، الذى صدر فى معرض الكتاب العام الماضى وحظى بحضور مشابه فى حفل التوقيع ولكن أحد لم يلتفت، كما سبق لزاب أن قدم ديوان شعر أيضًا بعنوان "سبعة أيام" فى معرض الكتاب العام قبل الماضى وحظى بحضور مشابه.

وأوضح مفيد، أن زاب فضل هذا العام أن يكتب رسائل إلى حبيبته من وجهة نظره ضمن أدب الاعترافات، مؤكدًا أنه زار معرض فرانكفورت الدولى للكتاب منذ خمسة أعوام وكان أدب الاعترافات يحظى بإقبال جماهيرى كبير من القراء الألمان، وهو النوع الأدبى الذى لا يعرفه أحد هنا، إلا كتاب السيرة الذاتية الذين يكتبون اعترافات ضمن تجربة حياتهم كلها.

واستطرد الناشر، نشرت أول كتب أدب الاعترافات للكاتب أحمد مهنى تحت عنوان مزاج القاهرة وهو كتاب رصين جدًا وحقق نجاحًا كبيرًا،ما يعنى أن الباب أصبح مفتوحًا للمزيد من الكتابات من هذا النوع، مشيرًا إلى أن هذه الكتابات تستهدف الفئة العمرية من 14 سنة إلى 21 سنة، وهى نفس الشريحة التى يستهدفها زاب ثروت بكتابه الأخير "حبيبتى"، وهى كتابة الهدف منها تعويد صغار القراء على فكرة القراء، فمن يبدأ بأعمال بسيطة للمراهقين، سيقرأ يومًا ما لكبار الكتاب.

وأشار الناشر، إلى أن دار دون كانت تتوقع أن يحظى زاب بكل هذا الإقبال الجماهيرى فى حفل توقيعه، حتى إنها قررت إقامة الحفل خارج صالات عرض الكتب، واختارت المقهى الثقافى لذلك، نافيًا ما يروج عن الدار باعتبارها تهدف للربح المادى على حساب جودة الأعمال الإبداعية.
وقال مفيد، إن دار دون منذ تأسيسها تستقطب شرائح مختلفة من الكتاب بينهم كبار الكتاب مثل بهاء طاهر الذى نشرت له الدار كتاب أيام الأمل والحيرة، وكذلك الكاتب بلال فضل والكاتب أسامة غريب، بل إن الدار جازفت بنشر مجموعة قصصية لشاب يبلغ من العمر 14 عامًا، وواجهت هجومًا كبيرًا بسبب صغر سنه، كما نشرت مجموعة قصصية باسم "بس يا يوسف"، وحصلت على جائزة ساويرس فى القصة، لذلك فإن الدار تحرص على التنوع فى الإصدارات وليس الكسب المادى.

وعن معايير اختيار الأعمال المنشورة عن دار "دون"، قال الناشر، إن الدار لديها لجنة قراءة تتألف من خمسة من الكتاب ذوى الباع فى الكتابة والنشر رافضًا الإفصاح عن أسمائهم، بالإضافة إلى مدير للتحرير ومدير للنشر يرفضان الأعمال رديئة المستوى، وفى كتاب زاب ثروت كان لدينا هدف محدد وحققناه هو الوصول إلى شريحة من القراء صغار السن.

لماذا أغضبت أرقام مبيعات "زاب ثروت" المثقفين وأصحاب الأعمال الجادة؟

الروائى إبراهيم فرغلى، الذى كتب مؤخرًا رواية للمراهقين بعنوان مغامرة فى مدينة الموتى، يرى أن الفجوة بين المراهقين وأصحاب الكتابات الجادة، يعود لتخلف منهج تعليم اللغة العربية فى مدارسنا أولاً، فما زالت الكتب المقررة على المناهج تعود لعقود مضت، وما كنا نقرأه كمقرر دراسى فى الأدب قبل ثلاثة عقود ما زال يدرس للآن، وكأن التاريخ الأدبى قد تحجر فى وزارة التعليم والقائمين على تخريب الذائقة الأدبية لأجيال متعاقبة، بالإضافة لشيوع ظواهر التسطيح والتفاهة الأدبية التى تروج لها قطاعات من الشباب باسم أنهم جيل جديد مختلف، وكأننا لم نكن مراهقين تربينا على طه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ، جنبًا إلى جنب مع المغامرين الخمسة والشياطين الـ13، وهو ما قادنا لاحقًا إلى القراءات الجادة فى الأدب والفكر والفلسفة. مع غياب مؤسسات الترويج القوية والمبتكرة لدور النشر الخاصة التى يمكن أن تلعب دورًا فى نشر الكتابة الجيدة سواء للشباب أو من الإنتاج المعرفى عمومًا، إضافة إلى الغياب التام للإعلام فى الترويج للمعرفة والفكر والفلسفة والعلوم والاكتفاء بالثرثرة والجدل اليومى الذى بات أشبه بصراع الديوك الذى أصاب المجتمع كله.

ولفت فرغلى، إلى أن مثل هذه الظواهر ليست إلا كرة ثلج مهما كبرت تظل هشة وتنفجر عند أول منعطف، بعد أن تحقق أهدافها التجارية لصانعيها والمروجين لها، مضيفًا: أن الكاتب الذى يضلل قراء سطحيين ولا يمتلكون خبرة معرفية ولا ذائقة بالكتابة الأدبية، سواء كان يمتلك ما يقوله أو كان فارغا يتحول إلى ضحية لنفس هذا الجمهور الذى لن يقبل منه إلا بما ارتضاه له من البداية من سطحية وخفة.

فرق الشاعر سمير درويش مدير تحرير مجلة الثقافة الجديدة، بين القارئ الحقيقى والموسمى، ورأى أن الأول يبدأ بقراءة أدب الأطفال والناشئة والأعمال الأدبية الخفيفة، ثم يتدرج فى التورط حتى يصير قارئًا مدرَّبًا يعرف مكامن المتعة ويغوص فيها، ولا يضيع وقته فى متابعة الكتابات الرديئة التى يتوهم أصحابها أنهم كتاب، ولا تخدعه أرقام التوزيع استنادًا إلى علمه أن الأعمال السطحية والتى تغازل حواس المراهقين أوسع جماهيرية من الأعمال الثقيلة، ليس فى الأدب فحسب، بل وفى السينما والموسيقى والغناء والفن التشكيلى والمسرح.. إلخ.

أما القارئ الموسمى فهو الذى يبحث عن إشباع سريع لحاجة مؤقتة، يعبرها هو نفسه بتغيير حالته النفسية والمزاجية والاجتماعية والعاطفية، من ذلك مثلاً أن نصف الشباب يكتبون الشعر فى سن المراهقة، ثم ينسون الأمر ويخجلون منه بعد الزواج وإنجاب الأطفال والانخراط فى العمل. هؤلاء ليسوا قراء حقيقيين، ولا يعول عليهم، وهم جمهور "زاب ثروت" و"أوكا وأورتيجا" و"بوسى"، وأفلام المقاولات، لذلك لن يستطيع زاب أن يحتفظ بهم كثيرًا، فسيذهب ويذهبون ككثير من الظواهر المشابهة.

وتابع: شخصيًّا لا أقلق من هذه الظواهر وأراها طبيعية ولازمة لاستمرار الحياة، وأنا مقتنع أن جمهور الأدب الراقى لا بد أن يكون محدودًا إذا قيس بجمهور الكتابات المراهقة، مثل أن جمهور البالية لا يقاس على جمهور الرقص الفاضح، وأفلام المهرجانات لا يقاس جمهورها على أفلام البورنو وأفلام المقاولات. فلنحافظ على توازننا وصحتنا النفسية، وننظر لتلك الظواهر باعتبارها ملح الحياة، ولا تؤرقنا، ولا ننشغل بها قدر انشغالنا بإبداعاتنا التى تؤثر فيمن يتابعها تأثيرًا حقيقيًا ودائمًا وعميقًا.

الكاتب سامح فايز، الذى يعمل على رصد ظاهرة البيست سيللر فى كتاب يصدر قريبًا، قال أن والخطورة الأكبر من وجهة نظرى تتمثل فى حالة الانفصال التام بين الشباب وبين الكتابة الجادة، وتأسيسهم لعالم خاص بهم لا يقرأون سواه، حتى ظنوا أن ذلك هو الأدب المطلوب. إلى جانب عزوف الحركة النقدية والثقافية الحقيقية عن بلورة وتقنين هذه الحالة تحت دعوى أنها أعمال ركيكة وتافهة،ذلك أن هذه الأعمال أصبحت المسيطرة على حركة الكتاب فى مصر وبعض الدول العربية أيضًا.

5 أسباب تدفعك للانزعاج من "زاب ثروت"

• مبيعات زاب ثروت مزعجة ومزعجة جدًا لأن الكتابة الجادة تبحث عن قراء، أو تجد قارئًا نوعيًا مقابل كتابة بسيطة وهو التعبير الأكثر تأدبًا، لأنها ليست كتابة فى الأساس، غضب الروائيون لأن حياتهم التى كرسوها للقراءة والكتابة وللاجتهاد فى البحث عن الجديد فى عالم الكتابة الواسع لا تجد من يقدرها إلا لجان تحكيم الجوائز الأدبية، بينما يعيش الكاتب عمره كله وهو يحلم بقارئ منتظر.

• ظاهرة زاب ثروت مزعجة ليس من قبيل الغضب على الكتابة كقيمة كبيرة وفن عظيم، بل لأنها توحى بما هو أخطر، تدق أكثر من جرس إنذار حول اختيارات الجيل الجديد الذى يميل إلى تسطيح فكرة القراءة، وهى فكرة مقدرة دائمًا فى مجتمعات لا تقرأ، خطيرة لأن الإقبال على أعمال مكتوبة باللغة العامية يعنى التخلى عن اللغة العربية كلغة قراءة نهائيًا وهى اللغة التى تعانى من مشكلات فى تعليمها خاصة مع زيادة الاقبال على تعليم اللغات الأجنبية، فتصبح القراءة ملاذها الوحيد وخط دفاها الأخير، رغم تقديرنا البالغ لفن الشعر العامى وهو فن عظيم وكبير له قواعده التى يضربها كتاب البيست سيللر عرض الحائط من أجل قراء أكثر.

• ظاهرة زاب ثروت مربكة لأنها تعنى أن نظرية السبكى تتمدد لتشمل كل جوانب الفن، نظرية السبكى أى الأرباح الكثيرة مقابل ضآلة القيمة الفنية للأعمال، كان السبكى منتجًا لأفلام تجارية رديئة ثم صار السبكى أسلوبًا للحياة، فى كل فن لدينا سبكى جديد، سبكى فى الكتابة وهو دور النشر الصغيرة التى تبحث عن أرباح هائلة ولا تلتفت لمستوى ما تقدمه، وسبكى فى الصحافة وهو المواقع الصغيرة التى تقوم على الكذب والأخبار المفبركة، وغيرهم من السبكى.


• ظاهرة زاب ثروت قاتلة، لأنها تعنى أن المستقبل القريب سيشهد انسحاب دور نشر كبيرة ومحترمة من نشر أعمال أدبية حقيقية ولائقة لصالح نشر أعمال أخرى معدومة القيمة ولكنها عظيمة الفائدة المادية، فيتزامل كاتب كبير كالمنسى قنديل مثلًا مع زاب ثروت فى دار نشر واحدة، ويبيع الثانى آلاف النسخ بينما يبحث الأول عن قراء.

• ظاهرة زاب ثروت مزعجة، لأنها تعنى ببساطة إننا سنمل من مواجهة انحدار الذوق العام إلى هذا المستوى، مع استمرار اتهام الكاتب الجاد بالاستعلاء على قرائه بينما يحاول ثروت أن يصل لهم، وهى حجج غير منطقية أيضًا لأن الجيل الجديد من الكتاب الشباب طور أساليب وتجارب الكتابة حتى صارت فى متناول القراء كلهم، دون الاستجابة لدعوات السقوط فى فخ الابتذال والاستخفاف بالكتابة كقيمة.

• لا أفهم كيف تطوع البعض بالدفاع عن زاب ثروت بحجة حرية الرأى والتعبير، نحن لا نعادى حرية التعبير ولكننا نبحث عن مستوى يليق بمن يمتهنون مهن الرأى والتعبير وعلى رأسها الكتابة، ومن ثم فإن الدفاع عن الـ"زاب" بهذا المنطق كمن يدافعون عن حرية طهى الحشرات فى مطابخنا لأنها ستجد من يأكلها.








مشاركة

التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

Enas

رأي محترم

برافو عليكي يا سارة المقال حلو اوي

عدد الردود 0

بواسطة:

مؤيد

مقال رائع

الحمد لله ان لسه فيه ناس بتفهم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة