كان جميلا وشريرا كـ"شيطان"..

صورة الشيطان فى الأدب.. مظلوم ومضطهد فى الغرب.. وحبيب الشعراء فى العربية

الخميس، 26 نوفمبر 2015 11:05 م
صورة الشيطان فى الأدب.. مظلوم ومضطهد فى الغرب..  وحبيب الشعراء فى العربية الكاتب الكبير عباس محمود العقاد
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى رواية "السيد الرئيس" للكاتب العالمى أستورياس والتى تسببت بشكل كبير فى حصوله على جائزة نوبل وتعد من أشهر الروايات التى تنقد فكرة الدكتاتورية فى العالم وحققت نجاحا كبيرا وتعد من أهم ما كتب فى أمريكا الاتينية وصف أستورياس أحد الشخصيات القريبة من الرئيس بأنه "كان جميلا وشريرا كشيطان".

ويمثل الشيطان فى الأدب صورا عديدة منها التمرد على السلطة الاستبدادية، ومنها نكران الجميل، والخبث والغدر وحب الإساءة إلى الآخرين.

والشيطان فى الأدب كانت له صور مختلفة ومتنوعة وقد اهتم به الكتاب فى الأدب الرومانسى حيث برز بشكل أساسى، إنه الملاك الثائر، الملاك الساقط.

وأهم هذه الشياطين الأدبية وأبرزها هو بروميثيوس، شيطان الآداب اليونانية الكلاسيكية، وهو خير الشياطين وأطيبها، فهو ثائر على جوبتر رب الأرباب عند اليونان.

والملاحظ أيضا أن شكسبير تأثر بشخصية بروميثيوس فصور لنا شخصية مماثلة أطلق عليها اسم "آربيل"، فى مسرحية "العاصفة".

ومن أشهر شياطين الأدب الغربى شيطان ملتن فى الفردوسين، المفقود والمردود، وقد أظهر الشاعر فى الأول شخصية الشيطان بصورة تنال إعجاب القارئ بل وعطفه فى بعض الأحيان.

فيكتور هوجو "نهاية الشيطان"


تحدث هوجو فى قصيدته ذات الطابع الدينى والملحمى والمؤلفة من 5700 بيت عن الشيطان وإن كان يرى أن الشر لم يتسبب فيه الشيطان، إنما الشر ينتشر بين الناس بفضل ابنته ليليت – إيزيس ينبع الخلاص من ابنة الشيطان الأخرى "ملاك الحرية" التى خلقها الله بإحدى ريشه الخاصة، وهى تطير لتنقذ البشر، لذلك، لا يمكننا أن نقتنع بأن مصدر الشر هو تلك الصورة الشيطانية الراسخة فى خيالنا الجماعى، إنما الشر ينتشر بين البشر، لأنه بشرى، ويلد من رحم الإنسان.

السقوط الذى يؤدى أخيراً إلى الخلاص بفضل ظهور ريشة ملاك الظلمات، وهكذا يلد ملاك الحرية، "هو يسقط فى الهاوية منذ أربعة آلاف سنة/ عجز عن التشبث بقمة الجبل/ ولم يستطع أن يرفع جبينه المتعالي/ غاص فى العتمة والضباب، خائفاً/ وحيداً، ووراءه، فى الليالى الأبدية/ هوت ريَش أجنحته ببطء/ وقع مصعوقاً، كئيباً، صامتاً/ حزيناً، فمه مفتوح ورجلاه متجهان نحو السماء"،

فاوست


تتجلى صورة أدبية أخرى للشيطان فى عمل جوته الأدبى "فاوست"، حيث الإنسان والشيطان منفصلان عن بعضهما، إنما يتفقان. وبالفعل، يعقد فاوست اتفاقاً مع مافيستوفلاس، الشيطان، فيجرفه هذا الأخير بالملذات الأرضية، وبالمقابل يسلّم فاوست روحه للشيطان، اكتسب الشيطان فى هذا العمل الأدبى قوةً خارقةً، إذ أنه يتدخل فى مصير الشخصيات ويغير حياتهم، هو إذاً صورة للشر، الجشع والرغبة التى تفرض نفسها.

رغبات من الجحيم


فى رواية Les Diaboliques الشيطانيون لباربى دورفيلى، يبرز الشيطان، إنما كحليف للمرأة بشكل أساسى، الشيطان هو الرغبة وما يؤجج هذه النار هو شعور الذنب المُمتع الذى يرافق تجاوز المحرمات الاجتماعية.

فى هذا العمل الأدبى، نلاحظ بروز المقدس، الذى يتناقد ويتمازج مع الشيطانى، ويصف الكاتب هوتكلير، الشخصية الرئيسية فى هذه القصة القصيرة، من خلال عبارة: "تلك الفتاة الشيطانة".

الشيطان القاتل


أما فى رواية تيوفيل جوتيه القصيرة "ممثلان لدور واحد" Deux Acteurs Pour un Rôle فيبرز الشيطان ضمن سياق فنى ومسرحى، يريد هانريش أن يلعب دور الشيطان فى إحدى المسرحيات، ولكنه يلتقى بالشيطان فى خلفية المسرح، يهاجمه الشيطان ويلعب دوره بنفسه، ويثير إعجاب الجمهور. يرتبط فى هذا السياق الشيطان بازدواجية الشخصية، إذ أن ذلك الشر يكمن فى شخصية كلٍّ منا.

فى الأدب العربى


أبو العلاء المعرى فى "رسالة الغفران". ويشير أبو العلاء إلى إغواء الشيطان الشعراء وحملهم على الكفر والتجديف، فيستشيط الشيطان غضبا، ويصرخ بزبانية الجحيم قائلا: "ألا تسمعون هذا المتكلم بما لا يعنيه؟ قد شغلكم وشغل غيركم عما هو فيه.. فلو أن فيكم صاحب نحيزة قوية، لوثب وثبة حتى يلحق به فيجذبه إلى سقر". فيقولون : ".. ليس لنا على أهل الجنة من سبيل".

ويؤكد المعرى فى هذه الرسالة الفكرة العربية القديمة القائلة بأن الشعر مصدره الجن والشياطين إذ يقول: "ومن تلك الجهة أتيتنى بالقريض، لأن إبليس اللعين نفثه فى إقليم العرب فتعلمه نساء ورجال".

شيطان أبو نواس


فهذا الشيطان تفوق على جميع الشياطين الأخرى، حيث إن أبو نواس اخترع هذا الشيطان كما يحب هو.

أن أبو نواس تعامل مع الشيطان تعامل التلميذ مع الأستاذ أى أن الشيطان كان هو أستاذ أبو نواس وعنه أخذ ما هو معروف به وكان يطلق عليه شيخه.

فى كتاب "ألف ليلة وليلة" لا يتعدى ما هو متداول ومعروف، فليس ثمة من جديد خارج نطاق الدور البطولى الذى تلعبه الشياطين، ففى القماقم والأبسطة السحرية وتعشق بنات الإنس والهرب بهن وما إلى ذلك.

أما أمير الشعراء أحمد شوقى قدمه فى غامض لا نتبين له صورة ولا شخصية، فشوقى لم يفعل أكثر من أن يكرر ما قالته العرب عن الجن والشياطين بشكل مسرحي،

فقد أفرد المنظر الأول من الفصل الرابع من رواية مجنون ليلى لوصف قرية من قرى الجن فى وادى عبقر. وشوقى على عادته يسحرك بحلاوة ألفاظه وموسيقى شعره فتنسى ما جئت تبحث عنه من شخصيات شيطانية على غرار ما ألفته فى المسرحيات العالمية.

وعباس محمود العقاد قدم كتاب "إبليس" تحدث عن تاريخ إبليس وذكر فيه أنواع الشيطنة وأسماء الشيطان الأكبر وفكرة الشيطان فى الحضارات المصرية والهندية واليونانية وحضارة وادى الرافدين والشيطان فى الأديان الكتابية وعباد الشيطان إلخ.

كذلك نجيب محفوظ كتب عن الشيطان مى أنيس الجليس فى روايته (ليالى ألف ليلة) وقدمه أيضا فى (أولاد حارتنا) وفى (الشيطان يعظ).

أما أقصوصة "عهد الشيطان" توفيق الحكيم وفيها عكس مطلب الدكتور فاوست، فقد وهب فاوست روحه وعلمه للشيطان لقاء ملاذ الشباب لربع قرن أو نحو ذلك، أما الحكيم فيهب ملاذ الشباب للشيطان لقاء الحصول على المعرفة لمدة ثلاثة عشر عاما، وقدم أيضا رواية (عهد الشيطان)، وقدمه يوسف إدريس من خلال قصته (أكان لابد لى لى أن تضئ النور)، كذلك قدمه يوسف زيدان فى روايته التى حصل بها على البوكر "عزازيل.


موضوعات متعلقة..


فى ذكرى ميلاد عميد الأدب العربى.. 7 مقولات خالدة لطه حسين عن الحياة








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة