محمد منير

عبد الناصر بعد يونيو 67 خطط للحياة الحزبية والأقدار لم تمهله

الجمعة، 20 نوفمبر 2015 03:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شاءت الصدف السعيدة أن أتقابل مع الدكتور رؤوف حامد صباح أحد الأيام، وجلست معه دقائق استمع لحواره الجذاب، والدكتور رؤوف من علماء الصيدلة الوطنيين الذين يمتلكون رؤية وطنية متكاملة لمواجهة مشكلة تصنيع الدواء فى مصر، وتمت محاربته، وعزل أفكاره سنوات طويلة، كما أنه أحد قيادات الحركة الطلابية فى الستينيات عندما كان طالباً فى كلية الصيدلة بجامعة الإسكندرية، وقاد هو وزملاء له فى عام 1968 أول حركة احتجاج طلابية بعد ثورة 1952، وهى الحركة التى نادت بمحاكمة النظام المتسبب فى هزيمة 5 يونيو 1967، وعلى رأسه جمال عبدالناصر رغم شعبيته الجارفة آنذاك، وحول هذا الحدث كان حوارى مع الدكتور رؤوف الذى يتمتع بقدرة متميزة على السرد الموضوعى والتحليل المستند على فهم ووعى عميق بطبيعة مرحلة كل حدث.

قال لى الدكتور رؤوف: إن الطلاب فى ذلك الوقت حملوا جمال عبدالناصر مسؤولية الهزيمة، إلا أنه يرى أن عبدالناصر تغيرت أيدلوجيته ومفاهيمه السياسية بعد هزيمة 1967، وأضاف ضمن حكاياته بعض الإشارات تدل على أن ناصر كان على دراية بتجاوزات بعض رجال الحكم، ولكن الظروف كانت لا تمكنه من مواجهتهم آنذاك، ومن هذه الروايات أن الدكتور رؤوف ومجموعة من طلاب كلية الصيدلة بالإسكندرية أسسوا حركة مطالبة بمحاكمة المسؤولين عن هزيمة 1967 ومنهم، بجانب الدكتور رؤوف، أحمد خالد، على الشخيبى، أبو الفتوح يوسف، جمال عبدالفتاح، حياة حنفى، على حمودة، فتحى عبدالمحسن، ونظموا اعتصاما بكلية الصيدلة، وانضم إليهم طلاب كلية طب الأسنان، وحدث أن شعر الدكتور رؤوف وزملاؤه بمتابعة المباحث العامة لهم، وتمكن من الهرب، ثم عاد إلى منزله بعد ذلك، وتوقع أن يتم القبض عليه، ولم يحدث، وتوقع أن يتم هذا فى إجازة الصيف حتى لا يتم إثارة الطلاب، ولم يحدث، وظل هذا الأمر يمثل علامة استفهام لدى الدكتور رؤوف حتى تقابل بعد ذلك بسنوات مع أحد المقربين من ناصر وممن لهم علاقة بالأزمة عام 1968، ودار بينهم حوار أبدى فيه الدكتور رؤوف اندهاشه من موقف الأمن، ففسر له المستمع الأمر قائلا: «قال لى شعراوى جمعة وزير الداخلية فى ذلك الوقت لولا عبدالناصر لكان الولد رؤوف ده وزملاؤه وراء الشمس، لأن عبدالناصر قال لى نصاً: «ماحدش يقرب من رؤوف حامد وزملائه اللى كانوا فى الاعتصام»، وهو ما يشير إلى أن عبدالناصر كان على علم بسياسات الأمن، وأنه لم يكن راضيا عنه. ويستطرد الدكتور رؤوف: «وتصاعدت الحركة الطلابية سنة 1968 وكانت مطالبها بمنع تدخل المباحث العامة والأجهزة الأمنية فى الجامعة، محاكمة النظام المسؤول عن النكسة، وعلى رأسه جمال عبدالناصر، إقالة الليثى عبدالناصر من رئاسة الاتحاد الاشتراكى بالإسكندرية، وعقب هذه الحركة أصيب عبدالناصر باكتئاب ولزم بيته يوما، رافضاً مقابلة أى شخص، إلى أن أصر وزير الاقتصاد حسن عباس زكى على مقابلته، وكان رجلا صوفيا يرتاح عبدالناصر له، فلما أبدى ناصر حزنه من حركة الطلاب الذين لم يتوقع منهم هذا الموقف»، قائلا: «لم أتوقع هذا من أبنائى الذين أخطط لمستقبلهم»، قال له حسن عباس: «أبناؤك غاضبون فاستمع لهم»، وتنبه عبدالناصر لأهمية الحوار مع الطلاب، فألقى خطبته الشهيرة فى اليوم الثانى للمقابلة، قال فيها: «الطلاب غاضبون وأنا معهم»، وبدأ فى تشكيل لجان للحوار مع الطلاب، وتشكيل تمثيل جديد للاتحاد الاشتراكى، وهو الحوار الذى انتهى ببيان 30 مارس الذى كان يمثل بدء حركة التغيير السياسى فى مصر، وهو ما عبر عنه عبدالناصر بقوله «بعد الانتهاء من إزالة آثار النكسة، سأترك الحكم وأنزل الشارع وانضم لحزب سياسى»، وهكذا أدرك عبدالناصر بالحوار أهمية الاتجاه نحو الديمقراطية، وإن كانت الأقدار لم تمهله لتحقيق هدفه الجديد، ولكن الشاهد أن الحوار هو الوسيلة المضمونة لإنارة الطريق.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة