نبيل شرف الدين

موسم مغازلة المسيحيين

السبت، 14 نوفمبر 2015 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد انتهاء المرحلة الأولى لانتخابات البرلمان، انطلقت الثانية أكثر شراسة، لأنها تشمل العاصمة المتوحشة التى يقطنها عدد يفوق عدة دول، وتتنوع فيها المشارب، لكن الظاهرة التى تجلت بالمرحلتين تتمثل فى مغازلة أصوات المسيحيين باختلاف مذاهبهم وطوائفهم، وإن كان للكنيسة القبطية الأرثوذكسية نصيب الأسد، نظرًا لكونها تشكل الغالبية المطيعة لتقاليدها الصارمة، وحساباتها المعقدة، والتفاف شعبها حولها بمحبة وقداسة.

هذه الصفوف من المرشحين التى تطرق أبواب الكنائس سعيًا لأصوات المسيحيين لإدراك جميع المرشحين أنهم «رمانة الميزان» بشتى أنحاء البلاد، كما يثقون بوعيهم وحرصهم على المشاركة بالانتخابات، وتوحد مواقفهم، وإن كانت هناك «أصوات نشاز» تُفتت أصواتهم، لكن لا يُعول عليها كثيرًا، لهذا تذكر المرشحون المسلمون أن لهم شركاء بالوطن يتمتعون بسمات تجعلهم رغم كونهم أقلية عددية أحد عناصر حسم الانتخابات للاعتبارات التى أوضحناها. لكن كيف نفسر التجاهل التام لمشكلات المسيحيين، بل والمساهمة بالصمت المتواطئ حيال تعرضهم لأزمات طائفية، ولا نتذكرهم إلا خلال الانتخابات لتقطر ألسنة المتنافسين عسلاً وغزلاً ومزايدات على إبداء المحبة والتسامح، ناهيك عن الوعود البراقة التى يمنحونها ببذخ للمسيحيين؟.

كيف يمكننا تفسير هذا التناقض، وكيف يتعامل المسيحيون معه، والجواب باختصار أنه يعكس الازدواجية والنفاق الاجتماعى، لذلك أقترح أن يفكر أشقاؤنا المسيحيون بعناية فى اختياراتهم، ولا ينساقون بحسن نية خلف معسول الكلام، وبريق الوعود، لينتخبوا من يثقون بصدقه وكفاءته ووطنيته، فهذه العناصر الأساسية لنائب البرلمان الذى يستحق مقعده، ويكون صوت المصريين، خاصة الفقراء والمهمشين وأصحاب المظالم.

بالطبع لا أنصب نفسى وصيًا على ضمائر الناخبين، سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين، بل أرصد الواقع وأحلله، وبعدها أجرى «تقدير موقف» يحمل خلاصة «صوت الضمير»، لكنها ليست سوى نصيحة مخلصة، ورأى شخصى من قلب وعقل مواطن مصرى يؤذى مشاعره، ويزعج سلام نفسه استمرار عدة أزمات مزمنة كالتمييز ضد شرائح أصيلة بسبب الجنس كالنساء، أو العرق كالنوبيين، أو الدين كالمسيحيين وخلافه، وهذا دور «المثقف العضوى» التصدى للنفاق الاجتماعى، والميوعة السياسية التى تتجاهل خطورة تلك الممارسات على الوفاق الاجتماعى، وتناغم جميع الأطياف، وحسم أسباب الشعور بالتهميش أو الاغتراب داخل الوطن.

يزعجنى أيضًا قلة عدد المسيحيين الفرديين الفائزين بالمرحلة الأولى للانتخابات، فلم يتجاوزوا ثلاثة، وأتمنى أن تُعيد المرحلة الثانية الأمور لنصابها الصحيح لتمثيلهم اجتماعيًا، لكن المشهد يبدو ضبابيًا، فالأزمة تجاوزت السلطة والحكومات، وصارت تعشش بعقول ووجدان ملايين المسلمين، سواء من الموالين لجماعات الإسلام السياسى، وحتى العوام الذين رسخ مشايخ السلفية داخلهم مشاعر سلبية ضد المسيحيين، وسط غضّ الطرف الرسمى حيال هذه الممارسات حتى تفشت، وصارت ظاهرة تهدد السلام الاجتماعى، ولا أبالغ إذا قلت تمس الأمن القومى لمصر ومستقبلها.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة