البعض يرى أن ما حدث مؤخرا فى محافظة الإسكندرية من تراكم مياه الأمطار فى الشوارع بعد موجة الطقس السيئ التى ضربت المحافظة يعد كارثة، ولكننى أرى أنه إنذار خير، لكى نفيق جميعا قبل أن تقع أم الكوارث فى هذه المحافظة التى أعتبرها منبع الفساد والمخالفات، وتستحق بالفعل لقب الأسوأ فى كل شىء، ولهذا فإن ما حدث للإسكندرية مؤخراً ليس سيئا، بل القادم هو الأسوأ، فالمحافظة التى تحولت لمستنقع من الفساد لم تعد المدينة الجميلة التى يهواها الشعراء، ويذهب إليها العشاق، فلم تعد هى عروس البحر المتوسط، وأصبح شعارها «افعل المخالفات ولا نخشى أحد».
وإذا كانت الأمطار والصرف الصحى قد أطاحت بمحافظ الإسكندرية هانى المسيرى، وقبله طارق المهدى، فإن الجرائم التى ترتكب الآن ومستمرة فى هذه المحافظة يجب أن تطيح ليس فقط بالمحافظ بل برئيس الوزراء نفسه وعدد من وزائه، لأنهم فشلوا فى وقف المخالفات التى سوف تؤدى فى النهاية إلى كارثة كبرى ستقع قريبا جداً، أقلها هو سقوط العشرات من العمارات السكانية المخالفة التى أقيمت بمباركة مافيا بعض رؤساء الأحياء الفاسدين، والذين باعوا أنفسهم للشيطان مقابل المال، ولا يهمهم نتائج موافقتهم على تلك المخالفات، وأقلها سقوط عشرات الضحايا تحت أنقاض العمارات، وهو الحادث الذى أصبح شبه يومى فى محافظة الإسكندرية.
الفساد هو الأب الروحى لكل الكوارث، والدليل أن أغلب حوادث انهيار العقارات سببه هو المخالفة فى البناء، فإذا كان العقار مسموحا له ببناء ستة أدوار فإنه بالفساد يستطيع صاحب العقار أن يبنى عشرين طابقا بدلا من الستة، ولا عزاء للأرواح التى تضيع بسبب الفساد.
والحقيقة أن الإسكندرية من أكثر المحافظات فسادا فى مخالفات البناء، والأرقام وحدها تتحدث ونشرت أكثر من مرة ولم يتحرك أى مسؤول لمناقشة هذه المخالفات ووضع حلول عاجلة حتى لا تقع الكوارث، وسنعيد نشر أرقام المخالفات بالإسكندرية، لتكون تذكرة وجرس إنذار للمحافظ القادم، والذى يجب أن يضع حلا لهذا الفساد المستشرى فى كل أرجاء المحافظة، وأن يستخدم القانون على الكبير قبل الصغير.
الأرقام تؤكد أن المبانى المخالفة التى تمثل قنبلة موقوتة تهدد أرواح أكثر من 4 ملايين و700 ألف مواطن هم عدد سكان العاصمة الثانية بمصر.. 17 ألف عقار مخالف وتفاقم الظاهرة، حيث يعتبر ملف المبانى المخالفة من أهم العقبات التى ستواجه أى محافظ قادم، ويكفى أن المحافظ الأخير حاول أثناء توليه المنصب، استيعابها من خلال عدة آليات، منها حملات الإزالة والتى لم تمثل %1 من حجم المشكلة المتفاقمة، حيث تمت إزالة 286 عقارا مخالفا من أصل 17 ألف عقار مخالف.
إذا المشكلة ليست فى المحافظ بل فى صغار الموظفين الذين سمحوا بالبناء المخالف مقابل الحصول على رشوة.. وللحديث بقية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة