إن معنى الضمير الإنسانى فى معجم المعانى الجامع هو وجود مشاعر فى نفوس البشرية جميعا، تهتدى إلى مبادئ الأخلاق بعفوية وتلقائية، وأن يكون هناك استعداد نفسى لإدراك الخبيث والطيب من الأعمال والأفكار والتفرقة بينهم، واستحسان الحسن واستقباح القبيح منها، ومن هنا ومن خلال هذا التعريف البسيط نقف على السبب الرئيسى وراء تلك الأزمات التى تعانى منها البشرية هو غياب الضمير وانعدام الأخلاق، وما يحدث الآن من أعمال قتل وتخريب وإهمال وتغيير فى السلوكيات ترجع إلى أن البعض وهم ليسوا بقليل قد غيبوا السلطة التى تنبع من داخلهم.
إن هذه السلطة الداخلية هى الأقوى لأنك أنت الوحيد الذى لك سلطان عليها لا أحد غيرك يستطيع استخدامها أو استغلالها، ما دمت شخصا عاقلا، وكما قال جان جاك روسو (أن الضمير هو الموجه للأفعال ومن هنا جاء تأنيب الضمير وإذا كنا نسعى نحو التغيير ونطالب به وطوال الوقت نجد أن البعض يردد أنه ليس هناك أمل فى الإصلاح، والسؤال هنا هل أصلحنا من أنفسنا أولا واحتكمنا لضمائرنا؟، لقد قمنا بثورتين ونجحنا فى تغيير الأنظمة لأننا وحدنا قوتنا اتفقتا حول القضية ولم نختلف عليها لذلك نجحنا، فهناك قضية هامة فى حياتنا جميعا، ولا يمكننا وقتها أن نقول إن الاختلاف فى وجهات النظر لا يفسد للود قضية، لأن اختلافنا حول القضية الأهم فى حياتنا جميعا وهى الحفاظ على الدولة سوف يفسدها، إذا اختلفت معى فيما سبق فدعونا نرجع جميعا إلى قول الله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم، أن المفسرين اجتهدوا على تفسير هذه الآية وأجمعوا أن الله سبحانه وتعالى وهو القادر الذى يغير ولا يتغير ولكن الله أنعم على الإنسان بنعمة العقل وأرشده إلى الطيب والخبيث، فماذا إذا أصر الإنسان على المعصية ولم يعلن التوبة.
ولذلك فنحن نحتاج إلى وقفة مع أنفسنا ونحتاج أيضا أن نحاسبها بمنتهى الجدية والحيادية هل نقوم بواجبنا، وهل يؤدى كل منا دوره الأب والأم ودورهما فى رعايا أطفالهما ونبذ خلافتهما إن وجدت، وترسيخ القيم والأخلاق والمعلم الذى كاد أن يكون رسولا أين هو الآن؟ وأرجو ألا نعلق كل هذا على شماعة الظروف فالتربية والأخلاق الحميدة لا تحتاج إلى المال، ولكنها تحتاج إلى الإيمان نشاهد جميعا كم البشر البسطاء والذين لم يحظون بقدر كاف من التعليم، ولكنهم لديهم مبادئ ورضا تام وأخلاق يفتقر كثيرون من أصحاب المال والمتعلمين لها، إننا استطعنا تغيير النظام وإقالة حكومات شاهدنا ما فيهم من فساد وبرعنا فى النقد، ونحمد الله أننا بعد كل هذه المعاناة بدأنا عهدا جديدا الآن، وأصبحنا نخطو خطوات جدية وسريعة نحو البناء والعمل، ولكن هل يستطيع الرئيس والحكومة تغيير الأخلاق وتعديل السلوك وإيقاظ الضمائر من نومها العميق، إن الثورات اذا أردنا نجاحها فلابد أن يتبعها ثورة أخلاقية لا تحتاج منا إلى الخروج فى تظاهرات أو اعتصامات فى الميادين، وإذا كنا نريد أن نحارب الفساد الذى ينتج عن غياب الشفافية والنزاهة وعدم المساءلة وغياب القانون وما يتبعه من أعمال وجرائم فى حق المجتمع مثل الرشوة والمحسوبية.. إلخ. وهذا الخلل الجسيم الذى أصاب أخلاقيات العمل وقيم المجتمع والذى جعل الفاسد والمهمل يجد مبررا لأفعاله المشينة، إن غياب الأخلاق والضمير وفساد هذه القضية برمتها لا قدر الله دائماً ما تثمر عن نتائج كارثية فى دول كثيرة أيقظوا ضمائركم يرحمكم الله.
يقول أمير الشعراء
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت … فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه … فقوّم النفس بالأخلاق تستقم
إذا أصيب القوم فى أخلاقهم … فأقم عليهم مأتماً وعويلاً
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة