لينا مظلوم

"العراق – السعودية".. على ضفاف النيل

الجمعة، 16 يناير 2015 11:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مجموعة التطورات التى طرأت مؤخرا على العلاقات العراقية - السعودية تحمل عدة بوادر إيجابية تدعم عودة الدور العراقى على الصعيد العربى، أولها زيارة الرئيس العراقى فؤاد معصوم للسعودية، وأخرى مترقبة لرئيس الوزراء حيدر العبادى، ثم مشاركة المنتخب العراقى فى دورة "خليجى" فى السعودية، وأخيرا إعادة افتتاح السفارة السعودية فى بغداد.

عودة المياه إلى مجاريها بعد عشرات السنين، تتجاوز مجرد انتهاء قطيعة بين بلدين يمثلان محورين هامين فى المنطقة، إذ تحمل عدة ملفات أمنية عاجلة عربيا وإقليميا، على رأسها التنسيق الأمنى تجاه خطر مشترك أصبح تمدده الوحشى يهدد منطقة الخليج، خصوصا أن السعودية تربطها مساحة حدود كبيرة مع العراق.. والحادثة الأخيرة على الحدود التى أدت إلى استشهاد قيادات من حرس الحدود السعودى على يد مسلحى داعش هى مجرد جرس إنذار وليست نهاية أطماع هذا التنظيم الإرهابى، هذا الخطر الذى وحّد العراقيين كما لم يحدث منذ الغزو الأمريكى عام 2003، يستدعى أيضا تنسيقا أمنيا بين العراق وكل دول منطقة الخليج، مع قوة الدعم المصرى - السعودى الساعى إلى عودة العراق للقيام بدوره الريادى فى المنطقة العربية، فالتوحد داخل خندق واحد ضد الإرهاب لم يعد ترفا.. بل قضية وجود.

والملف الاقتصادى أيضا يظهر كعامل هام فى التقارب بين الدول المصدرة للبترول فى مواجهة التلاعب وهبوط سعر برميل البترول عالميا. أجواء التنافر فى المواقف السياسية بين الدول الأعضاء فى منظمة "الأوبك" قطعا لن يساعد على مواجهة المخاطر الاقتصادية الناتجة عن هذا الهبوط، خصوصا أن رسائل الاطمئنان التى بعث بها العبادى إلى الدول العربية بدأت تبدد الهواجس السعودية تجاه تهميش طوائف تُشكِل جزءا هاما من نسيج الشعب العراقى على حساب طوائف أخرى.. مما أبعد القرار السياسى العراقى عن جذوره التاريخية العربية.

عربيا وإقليميا هذا التقارب يمضى بالعراق خطوات نحو استعادة دوره المؤثر فى التنسيق بين علاقات هذه الدول، مثل بذل الجهود الدبلوماسية فى التخفيف من حدة التوتر التاريخى فى العلاقات بين دول منطقة الخليج العربى وإيران عبر تقريب وجهات النظر، إبقاء العراق على علاقات دول الجوار مع إيران بعيدا عن تدخل الثانية فى القرار السياسى والأمنى، أيضا يتيح للعراق القيام بدور فعال عند إعادة فتح ملف العلاقات المصرية - الإيرانية.. توجه العراق نحو التحالفات العربية التى تسعى مصر – السعودية - دول مجلس التعاون الخليجى إلى تعزيزها، قطعا ستمثل رسالة عراقية هامة إلى إيران.. محتواها أن الدول العربية، رغم كل مخاطر الجماعات الإرهابية التى تسعى لتفتيتها إلى إمارات دينية متناحرة، إلّا أن هذه الدول - على الأقل - أفاقت بعد عقود من "الخمول السياسى التاريخى" على حقيقة أن تقارب المواقف أمنيا وسياسيا واقتصاديا هو طوق النجاة الوحيد الذى سينقذها من الغرق.. إيران لم تعد القوة الوحيدة وسط دول لم تعوّد شعوبها إلّا على سماع بيانات الشجب والإدانة فى مؤتمرات القمم.. لكنها الآن أمام محور عربى يسعى للوصول إلى صيغة تنسيق جاد بين دوله.

منذ يومين سعدت بلقاء - لم يخلُ من الصراحة والدفء الذى فرضه نشاط أجواء الحراك السياسى لرئيس وزراء العراق -مع دبلوماسى رفيع المستوى، ضياء الدباس سفير العراق فى مصر، فى مكتبه المطل على النيل، بادرنى سعادة السفير (الحكومة الجديدة برئاسة د.العبادى منهجها التأكيد على صلات التعايش السلمى مع كل دول العالم.. ودول المنطقة العربية تحديدا، بالإضافة إلى دول الجوار، فالعراق يولى أهمية كبيرة خاصة لعلاقاته العربية، والتأكيد على التعاون لتحقيق الاستقرار والتنمية. التقارب مع السعودية قطعا له أهمية كون المملكة بلدا عربيا كبيرا يحتضن الأماكن المقدسة الإسلامية، لذا ندرك أن التعاون بين بلدينا سيحقق إنجازات وفوائد لعموم المنطقة العربية. الفتور الذى شاب العلاقات منذ عهد صدام حسين تلاشى مع خطوات التقارب التى نشطت مؤخرا، فالحكومة العراقية اختصت السعودية بزيارات هامة ومتعددة، كما سيقوم رئيس الوزراء د.العبادى بزيارة السعودية قريبا، كما تبادلنا السعودية بزيارات مماثلة، ثم إعلان إعادة افتتاح السفارة السعودية فى بغداد ودعمها العراق فى حربه ضد الإرهاب، إذ عُقِد أول مؤتمر دولى ضد الإرهاب فى جدة بدعوة من المملكة.

كما زار بغداد مؤخرا وفد سعودى رسمى لإعادة افتتاح السفارة وهى بادرة ستشكل خطوات فى تعزيز ودعم العلاقات. الخطر الذى نواجهه لا يخص العراق فقط.. فقد توحش حتى أصبح خطره يشكل تهديدا للمنطقة العربية بما فيها دول الخليج والسعودية.. لذا فالعراق أيضا يرحب بكل مجالات التعاون الأمنى مع السعودية بحكم امتلاكنا قاعدة بيانات كبيرة حول العلاقات المتشابكة بين التنظيمات الإرهابية ووسائل تحركها، بالإضافة إلى تجربة واسعة على أرض المعركة ضد هذه الجماعات الإرهابية.. وهو من أهم الملفات التى يؤدى التنسيق فيها بين البلدين إلى تكثيف توجيه الضربات الموجعة لهذه التنظيمات).








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة