بداية، يجب التأكيد على أن الله ورسوله، وكل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله، وكل المسلمين لا يرضون ولا يباركون المذبحة التى حدثت للعاملين والصحفيين بمجلة «شارلى إيبدو» الفرنسية الساخرة، والتى راح ضحيتها 12 بينهم 4 من أبرز رسامى الكاريكاتير، خاصة أنها تمت باسم الدين الإسلامى البرىء من هذه العملية الإجرامية. وإذا كنا قد رفضنا ونددنا الفعل الخسيس والقذر واللاأخلاقى والعنصرى والمستفز لمشاعر أكثر من مليار مسلم، الذى قامت به المجلة الفرنسية من خلال نشر رسوم كاريكاتيرية مسيئة للرسول الكريم، فإننا لا نقر ولا نحلّ ولا نفتى بأن يقوم مجموعة من الموتورين، المتطرفين، الإرهابيين الداعشيين بهذه الجريمة البشعة التى تعكس القصور الذهنى والعقائدى لهذه المجموعات الموتورة التى تستخدم الإسلام ستارًا لارتكاب جرائمها. والحقيقة أن ديننا الإسلامى الحنيف برىء من كل العمليات الإرهابية، بل لا أبالغ إن قلت إن مثل هذه العمليات تأخذ من رصيد هذا الدين العظيم الذى تم تشويهه على يد تلك التنظيمات الإرهابية التى أكاد أجزم بأن هناك مؤسسات أجنبية وراءها بهدف تشويه إسلامنا المتسامح الذى ينهى عن الفحشاء والمنكر، فكيف لا ينهى عن قتل النفس، سواء مسلمة أو غير مسلمة، واعتبار عملية القتل من الكبائر.
إذًا، إسلامنا لا يقرّ جريمة داعش فى شوارع باريس، كما أننا لا نقرّ سخرية أحد من نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فكلاهما عمل إرهابى وغير أخلاقى، ويؤدى فى النهاية إلى مزيد من العمليات الإرهابية التى لا تخدم إلا أعداء الإنسانية فى كل مكان، وكنا نتمنى ألا يشارك من ينتمى ويعتنق هذا الدين فى رفع السلاح ضد خصومه، حتى لو ارتكبوا هؤلاء الخصوم جرائم ضد إسلامنا أو نبينا، لأن ديننا دين السماحة والمحبة.
إذًا، الحرب مستمرة، لكن ما الحل؟ الحقيقة أن هناك عشرات الأبحاث التى حاولت أن تضع خططًا للرد على من يتعرض للنبى الأعظم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، فهناك من طرح أن الأمة المسلمة مطالبة بنصرة نبيها، والتعريف به، وبيان مكانته ومنزلته وشريعته وأخلاقه صلى الله عليه وسلم، والتصدى لمثل هذه الأفعال الشائنة، وذلك عن طريق المتابعة والمحاسبة القانونية لأصحاب هذه الجرائم فى بلادهم، وعلى المستوى الدولى لهذا الجرم العظيم الذى ارتكبوه فى حق قائد البشرية ومعلم الإنسانية صلى الله عليه وسلم، ومن جعله الله تعالى مخرجًا للعالم من ظلمات الشرك والجهل والخرافة والتخلف إلى نور الإيمان والعلم والهدى والرقى. على الأمة المسلمة فى مشارق الأرض ومغاربها، لا سيما العلماء والدعاة والمؤسسات الإسلامية، أن تمتلك زمام المبادرة، وأن تنتقل من سياسة «رد الفعل» إلى سياسة «الفعل»، فكلما حدثت حادثة أو وقعت مشكلة تنادينا وصرخنا: كيف نعالج المشكلة ونتصدى لهذا الحدث؟، وليس عندنا رؤية واضحة أو برامج محددة لتفادى مثل هذه الأحداث، وحسن التعامل معها. إن من أوجب الواجبات التعريف بالإسلام، والتعريف بنبى الإسلام صلى الله عليه وسلم، فالأمة مقصرة فى هذا الجانب تقصيرًا كبيرًا، ولا تمتلك من الوسائل والأساليب المؤثرة ما تستطيع أن تصل به لكل أرجاء الأرض وأنحاء المعمورة، والإنسان عدو ما جهل. إن رد الفعل المبالغ فيه، وغير المحسوب يأتى دائمًا بنتائج عكسية وآثار سلبية، فليس من الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إزهاق الأرواح بغير حق، أو تخريب الممتلكات، أو ترويع الآمنين، أو الاعتداء على حقوق الناس.
والحقيقة أن العملية الإرهابية ضد مجلة «شارلى إيبدو» الفرنسية عكست بالفعل حقيقة أن الإرهاب لا وطن ولا الدين له، فكل شبر فى العالم مهدد بوصول الإرهاب إليه، ولم يعد الأمر مقصورًا على شوارع مصر أو ليبيا أو العراق أو سوريا أو اليمن، بل يمكن لهذا الإرهاب الأعمى أن يصيب شوارع باريس أو لندن أو واشنطن أو أى دولة فى العالم، وما حدث فى 11 سبتمبر بأمريكا ربما يتكرر فى أى عاصمة أخرى، وهو ما كانت تحذر منه مصر دائمًا، واعتقد البعض أن القاهره تبالغ فى تحذيراتها من خطوره الإرهاب الذى لم يعد يميز، وليس له حدود، وما حدث فى باريس، وقبلها عواصم غربية أخرى، يؤكد ضرورة مواجهة هذا الإرهاب الأسود الذى يضرب العالم كله الآن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة