تثير قضية اختفاء خمس لوحات للناقد والفنان التشكيلى الراحل محمود بقشيش (1938/ 2001) الكثير من الأسئلة الحرجة فى واقعنا الثقافى والإبداعى، سوف أطرح بعضها عليك بعد قليل.
أما حكاية اللوحات المختفية، فكما قالت لى زوجته السيدة هدى يونس فإنها قدمت هذه اللوحات لتشارك فى معرض نظمته الجمعية المصرية لنقاد الفن التشكيلى قبل سنوات قليلة، وحين طالبت باستعادتها قيل لها إن اللوحات فى مقر الجمعية، والمقر مغلق منذ أربع سنوات، ولا يمكن فتحه لأن رئيس الجمعية الناقد الكبير الأستاذ كمال الجويلى (93 عامًا) مريض ولا يستطيع الذهاب إلى المقر!!
ثم أكملت أرملة بقشيش حديثها معى قائلة بأسى: (لقد أخبرونى أن من الجائز جدًا أن الفئران قد قرضت لوحات زوجى وأفسدتها)!
المأساة تكمن فى أننا لا ندرك قيمة مبدعينا، فالفنان الراحل محمود بقشيش يعد أحد رموز جيل الوسط من رواد الحركة التشكيلية فى مصر، كما أنه واحد من قلة قليلة للغاية أسهمت بنصيب معتبر فى تطوير الحركة النقدية من خلال كتبه ودراساته.
إن عبقرية بقشيش تكمن فى مقدرته المدهشة على ربط الواقع الاجتماعى والسياسى بحركة الفن، وكيف يكون الفنان ذا دور مؤثر فى مجتمعه، فضلا على مناقشته لقضايا عديدة خاصة بفلسفة الجمال وطبيعته وطاقاته.. كل ذلك بلغة عربية بالغة الرشاقة والحلاوة والدقة.
أما الأسئلة التى تقبع وراء الاختفاء المريب للوحات هذا الفنان الرائد فتتمثل فى كيف يمكن للدولة أن تحافظ على منجزات مبدعيها؟ ولماذا تصاب دومًا جمعياتنا الأهلية ونقاباتنا الفنية بالترهل حتى يعتريها العطب؟ وهل ستظل عائلة الفنان المصرى أسيرة الظلم بعد رحيله عن دنيانا؟
أذكر أن الناقد الراحل الأستاذ رجاء النقاش قال لى مرة فى أحد حواراتنا الطويلة: (إن الدولة المصرية.. دولة قاسية.. لا ترعى المبدع لا فى حياته.. ولا بعد رحيله)!
من فضلكم أعيدوا لوحات بقشيش إلى زوجته أو أخبروها بالحقيقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة