يوسف الحسينى

فى اللغة والسياسة.. الحليف القادم

الأحد، 21 سبتمبر 2014 11:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مما لا يخفى على أى قارئ أو متابع مصرى كان أو يحمل أيا من الجنسيات العربية فقد باتت المملكة العربية السعودية هى الحليف الإقليمى الأبرز أو قل «عالميا» لمصر بعد ثورة 30 يونيو إلا أن من يريد أن يتوخى الدقة فى طرح الأفكار فعليه استيعاب أن جلالة الملك عبدالله خادم الحرمين الشريفين هو الحليف الفعلى لمصر ومعه موالاته من كبار الأمراء فهذا ما يحدثك به تاريخ العلاقات المصرية ــ السعودية التى طالما سارت فى خط متعرج أو منحنى غير منتظم فى شكل الدعم أو التحالف السياسى بين البلدين الأقوى والأكثر تأثيرا على الصعيد العربى وارتباطه بالتفاعلات السياسية الدولية، ومن هذا المنطلق يجدر البحث حول مستقبل العلاقة بين البلدين فى مدى زمنى يتراوح بين الـ4 والـ8 سنوات القادمة ــ فترة رئاسة السيسى لمصر ــ حيث تطفو الخلافات أحيانا أو تبدو فى حالة هدوء نسبى بين جنبات عائلة «سعود» الحاكمة للمملكة بما تظهره من تفاصيل بادية فى التبادل والتوافق المستمرة خلال الـ6 أشهر الماضية حتى فيما يختص بولاية العهد فكان من الملاحظ هو خروج المملكة العربية السعودية هذا العام عن هدوئها المعهود خلال شهر رمضان الكريم بفعل التحركات السياسية المكثفة داخل العائلة المالكة فبعد منتصف الليل حسب التوقيت المحلى من الأول من يوليو، أعلنت «وكالة الأنباء السعودية» الرسمية صدور «أمر ملكى» بتعيين الأمير بندر بن سلطان، السفير السابق فى واشنطن الذى شغل منصبه فترة طويلة وأصبح بعد ذلك رئيسا للاستخبارات هناك خاصة بما يحمله من حجم علاقات أمريكية ثقيلة، بعد أن أمضى سنوات فى هذا المنصب، حيث كان رأس حربة فى المساعى السعودية لإسقاط الرئيس السورى بشار الأسد، مبعوثا خاصا للعاهل السعودى الملك عبدالله وكأن هناك حاجة  ماسة إليه الآن للتأكد من أن تحركات «داعش» فى العراق تهدد رئيس الوزراء نورى المالكى دون أن تهدد المملكة العربية السعودية التى ترى أن حدودها معرضة للفوضى محتملة. وبعد أربع دقائق، تعلن نفس الوكالة خبرا آخر وهو أن ابن عم بندر بن سلطان، الأمير خالد بن بندر، قد عُيّن رئيسا للاستخبارات العامة فى السعودية، هكذا يبدو للبعض أن الأمير بندر قد وقع ضحية خصام علنى مفاجئ ضمن العائلة المالكة أدى إلى إزاحته من منصب نائب وزير الدفاع بعد ستة أسابيع فقط على تعيينه ولكن أنقذته علاقته النافذة بالولايات المتحدة ليشغل منصبه الحالى، ينظر إلى ذلك من بعض الدوائر داخل العائلة أن الأمير الشاب محمد بن سلمان نجل ولى العهد الأمير سلمان وزير الدفاع والوريث الرسمى ــ حتى الآن ــ هو من تسبب فى هذه الإطاحة المتعمدة، هنا يجب أن يشير الكاتب إلى أن الأمير سلمان الذى سيبلغ الثامنة والسبعين من عمره هذا العام قد تردد على نطاق واسع أنه يعانى من مشاكل فى الذاكرة أو الزهايمر مما يجعله غير قادر شخصيا على إدارة وزارة الدفاع حسبما تجرى الأحاديث بين نطاق كبار أمراء المملكة، بل ويرى الكثيرون أن الأمير محمد بن سلمان باغت الجميع بتحركاته السريعة، ففى حين أن اللاعبين الرئيسيين فى العائلة المالكة تحت قيادة الملك عبدالله والأبناء الآخرين للمرحوم الملك عبدالعزيز، المعروفين أيضا كـ«أبناء سعود»، هم فى عقدهم الخامس والسادس، فإن نقطة القوة الوحيدة للأمير محمد هى أنه يحظى بحب والده وثقته، فقد بدأ كمستشار وبات رئيسا لديوان ولى العهد فى العام الماضى ثم رُقى هذا العام ليصبح وزيرا للدولة، مما يضمن له مقعدا فى الاجتماع الأسبوعى لمجلس الوزراء ومع أن الأمير الشاب ليس واحدا من «مسؤولى» وزارة الدفاع رسميّا، إلا أنه يستخدم دوره كحارس لوالده من أجل السيطرة على صناعة القرار فى جيش المملكة وقواتها الجوية والبحرية، والإطاحة بـ 4 نواب وزراء دفاع سابقين، لكن أتت الرياح بما لم يشتهيه الأمير الطامح برد سريع من الملك عبدالله بترقية الأمير خالد لرئاسة الاستخبارات العامة بعد يومين من إجباره على الاستقالة من وزارة الدفاع مما يشير إلى أن الملك قد يتخذ إجراءات حاسمة لإعادة النظام إلى حكومته بل قد لا يعين نائب وزير دفاع آخر فى الظروف الراهنة وليس من المرجح أن يسمح لولى العهد الأمير سلمان بالضغط لترشيح ابنه الأمير محمد لهذا المنصب مما يقوض نسبيا من أحلامه، مما يمثل فرصة للملك عبدالله لاستكمال تهميش الأمير سلمان الذى بدأ فى مطلع 2013 عندما عيّن الملك أخاه غير الشقيق الأمير مقرن بن عبدالعزيز نائبا ثانيا لرئيس الوزراء، وهو منصب أتاح له ترؤس اجتماعات مجلس الوزراء فى غياب الملك أو ولى العهد المريض كما سبق ومنحه فى مارس الماضى لقبا جديدا وهو نائب ولى العهد ليضعه بذلك على الطريق ليصبح ملكا حين وفاة كل من الأمير سلمان أو وفاته هو شخصيا أو أن يصبح كل من الملك وولى عهده الحالى عاجزين عن الحكم بل إن الملك أعطى مشروعية أخرى لقراره هذا عبر إقناع كبار الأمراء على أداء قسم مسبق بمبايعة الأمير مقرن وهو ما قام به معظمهم ولهذه البيعة أهمية خاصة، لما لها من قدرة على ترجمة هذا الالتزام البيعى عمليّا فيبقى رهن اعتبارات أو حسابات معقدة داخل عائلة «سعود» الحاكمة فمثلا ماذا لو توفى الملك عبدالله أولا؟، هل سيدعم محبو الأمير سلمان مجىء هذا الأخير إلى السلطة ليتمكن من إعلان ولى عهده، متجاهلين حق الأمير مقرن بالمنصب ضاربين ببيعتهم الأولى عرض الحائط؟.
أم ترى أن الملك عبدالله قد يهم باتخاذ خطوة جريئة بإعلانه عدم قدرة الأمير سلمان على السيطرة على الاضطرابات فى وزارة الدفاع وطلبه تأكيد عدم كفاءة الأمير سلمان الذهنية من قبل لجنة طبية؟!
فإن فعلها فقد منح نفسه فرصة ذهبية لترقية الأمير مقرن بن عبدالعزيز كولى عهد وهو ما يبدو الحل الأكثر وجاهة فى ذهن الكاتب نظرا للتحديات التى تواجه البلاد إضافة إلى سجل الأمير سلمان فى إزعاج الأمراء الذين قد يعتبرون فى ظروف أخرى فى صفه، خاصة مع تزايد التهديدات فى المنطقة العربية وإعلان «داعش» للخلافة مما يشكل تحديا مباشرا للمملكة العربية السعودية والدور الذى أخذته على عاتقها كزعيمة العالم الإسلامى، وعلى صعيد آخر لا تزال طهران تحاول التودد لواشنطن حول العراق للمزيد من السيطرة على المناطق الشيعية هناك وزيادة الثقل الإيرانى، وهو ما يحيله الملك عبدالله لكل من الأمير بندر والأمير خالد لمواجهة هذا التحدى ويظل هو اللاعب الرئيسى داخليا وبالتالى يطرح الكاتب سؤاله الأول حول كيفية عمل القاهرة مع هذه الأوضاع داخل وخارج المملكة، بل وقد يستطيل السؤال على امتداد الفكرة «ما هو شكل العلاقة بين القاهرة والأمير سلمان وولده من جهة وبينها وبين الأمير مقرن من جهة أخرى؟!»








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة