سامح الله مهندسى الأحياء بمحافظة الجيزة، الذين غابت ضمائرهم عندما وافقوا على إقامة أبراج يزيد ارتفاعها عن عشرة أدوار، على حارات لا يزيد عرضها عن ثلاثة أمتار، فخنقوا البيوت وأخفوا ضوء الشمس ومسيرة الهواء عنها وعن ساكنيها، وشوهوا الأحياء الجديدة بالتواء وعدم استقامة شوارعها وحواريها، وانظر إلى أحياء كاملة مكتظة بسكان جاءوا من أنحاء مصر، على جانبى شارعى الهرم وفيصل، حتى اتصلت بقرى كانت قائمة منذ عهود، بعيدا عن الشارعين المزدحمين.
ففى الزمن القديم وحتى ستينيات القرن الماضى، كانت البلدية مسئولة عن البناء فى الأحياء القديمة والمستحدثة، وكانت تحدد لصاحب الأرض المساحة المسموح بالبناء عليها والمساحة المتروكة للشارع وحول البناء حرصا على دخول الشمس والهواء إلى أرجاء البناء وكذلك الارتفاع المسموح به وعدد الطوابق، ففى حى شبرا على سبيل المثال كان مهندسو البلدية يفرضون على راغب البناء ترك مساحة أربعين فى المائة من الأرض حول البناء لتدخل الشمس والهواء إلى جميع غرفه، ورغم اتهامنا للعهود السابقة بالفساد، إلا أنه لم يكن ليغير من ارتفاعات المبانى فى الأحياء إلا تبعا لمساحة عرض الشارع، لا تبعا لرغبة صاحب الأرض أو حجم واسطته.
وانظر إلى بداية شارع الهرم - الذى أقيم فى عشرينيات القرن الماضى - تجد أن ارتفاع المبانى به لم يزد عن خمسة طوابق بحيث أن السائر فيه يرى أهرامات الجيزة منذ خروجه من النفق حتى يصل إليها، كما روعيت فى المبانى المقامة عليه قواعد دخول الشمس والهواء، وهذه القواعد لم تتم مراعاتها عند إنشاء شارع فيصل فى سبعينيات القرن الماضى ولا عند اكتمال البناء على شارع الهرم، ولم يكن السبب فى ذلك إلا تغير المعاملة عند السادة مهندسى الأحياء.. البلدية سابقا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة