من المعروف أن المسيحيين يؤمنون بكتابهم المقدس وهو العهد القديم أى التوراة وهو كتاب اليهود إضافة لإنجيل العهد الجديد، وذلك انطلاقا من آية إنجيلية تقول «جئت لأكمل لا لأنقض» وهنا وجدنا ونجد من يعتمدون على التفسير الحرفى للإنجيل يعتبرون أن كل ما جاء بالتوراة يجب إيمان المسيحى به إيمانا حرفيا لا روحيا مع العلم بأن هناك نصا يحسم هذا الخلاف، يقول «الحرف يقتل أما الروح فتحيى» كما أن المسيحية هى ديانة روحية لا تعتمد على الحرف حتى إن كتاب الأناجيل الأربعة قد كتبوا أناجيلهم بوحى أعطى لهم حق الكتابة، كل واحد حسب أسلوبه وثقافته، كما أننا لو تصورنا أن الدعوة للتكملة هدفها حرفى هنا فسنجد تناقضات كثيرة جدا بين نصوص التوراة ونصوص الإنجيل، ففى كثير من نصوص التوراة دعوة صريحة للقتل والسحل والهدم والتخريب والحرق، فى الوقت الذى نرى فيه الموعظة على الجيل للسيد المسيح «أحبوا أعداءكم باركوا لأعينكم أحسنوا إلى مبغضيكم» إذن من حيث المبدأ فإن التكملة ليست حرفية ولكنها تكملة روحية محورها وفحواها وهدفها الأسمى فكرة الألوهية، أى الإيمان بالإله الواحد الأحد خالق الإنسان ومدبر الكون ولا شريك له، وقد بدأت فكرة الألوهية مع آدم بما يتسق معه وقدراته الذاتية حينذاك فكان أمر طاعة الله بعدم الأكل من الشجرة، ثم تطورت الفكرة مع تطور قدرات الإنسان فأرسل الله الرسل والأنبياء وأخيرا الأديان، وهذا يعنى أن المسيحى يؤمن بالإنجيل تماما باعتباره كتابه المقدس كما أنه يؤمن بما جاء فى التوراة بما لا يتناقض مع أى نص إنجيلى أى بما يكمل الإيمان بفكرة الألوهية، وهنا وجدنا أصحاب مدرسة التفسير الحرفى للنص يتوقفون عند نصوص انتهت بانتهاء الزمان وتغير المكان وانتفاء السبب، مثل نصوص التوراة التى تتحدث عن أن اليهود هم شعب الله المختار، وأن فلسطين هى أرض الميعاد التى وعد الله بها إبراهيم أبو الأنبياء، وتتحدث عن عودة اليهود إلى أرض الميعاد لإعادة بناء هيكل سليمان حتى يأتى المسيح مرة ثانية يحكم العالم لمدة ألف عام يملك فيها المسيح على الأرض وأن مجىء المسيح الثانى ونهاية التاريخ بالنسبة لهم يسير وفق برنامج محدد يبدأ بالاختطاف وبعدها تأتى الصيحة العظيمة لمدة سبع سنوات وفيها يصب الله جامات غضبه على الأرض وما فيها وسيؤمن البعض من اليهود بالمسيح وهم من سيكونون من رعايا الملك الألفى، هذا وسينزل المسيح على جبل الزيتون ويقيد الشيطان لألف عام، وقد تبنت الصهيونية العالمية اختراقها للمسيحيين بناء على عقيدة ما يسمى بالحكم الألفى هذا حيث إن المسيح سينجى إسرائيل ويوحد بيت إسرائيل وبيت يهوذا ثم يخلصهم ويضع معهم عهدا جديدا، والأهم أن يعود الهيكل وتعود إليه عبادة اليهود الطقسية وتقام دولة إسرائيل التى تقسم بين الأسباط لتصبح ملكا لإسرائيل إلى الأبد، وهذا هو الهدف الأساسى من هذه العقيدة وذلك الاختراق.. وهنا نجد أن الخطاب الدينى المسيحى يعتمد فى الأغلب الأهم على فكرة تكملة العهد الجديد للعهد القديم بشكل حرفى، نجد عند التعامل مع نصوص التوراة سواء كان هذا فى إطار الدراسة أو الموعظة يتم إسقاط للضمير الجمعى المسيحى بشكل غير مباشر بأن نصوص التوراة مازالت قائمة فتأخذ صفة القداسة ناسين أن هناك نصوصا مرتبطة بالزمان والحدث، وأن هناك نصوصا ونبوءات قد تمت وتحققت والتاريخ يثبت ذلك ولا أدل على ذلك من مجىء السيد المسيح الذى آمن به المسيحيون فلم يصبح اليهود هم شعب الله المختار ولا علاقة لهم الآن بأرض الميعاد فما موقف الكنيسة المصرية من عقيدة الحكم الألفى؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة