دعنى أسألك.. هل مازلت تتابع باهتمام محاكمات مبارك ونجليه والعادلى ومساعديه؟ وهل مازلت حريصا على متابعة محاكمات مرسى وإخوانه؟ وهل تدرك الفرق بين هذه القضية وتلك لجميع المتهمين؟ فمبارك متهم بقتل المتظاهرين فى ثورة يناير 2011، ومرسى متهم بقتل المتظاهرين عند قصر الاتحادية ومكتب الإرشاد؟ ومبارك متهم بالاستيلاء على المال العام ومرسى متهم بالتخابر؟ والعادلى متهم بالقتل، وأبناء مبارك متهمان بالنهب، وبديع والشاطر متهمان بالتحريض على القتل، وهكذا سلسلة بائسة من التهم والقضايا ضد الذين حكمونا وأذلونا، ثم تأجيل من هنا إلى تأجيل من هناك، حتى باخت المسائل وانصرف الناس عن مشاهدة رئيسيهما السابقين وزبانيتهما فى القفص.
لماذا زهد الناس فى رؤية مبارك فى القفص، بعد أن كانوا يتشوقون إلى رؤية من ظلمهم ونهبهم عقودا طويلة سجينا ذليلا ينتظر عقابه؟ ولماذا كف الشعب عن تأمل ملامح مرسى وإخوانه فى القفص والسخرية من تصرفاتهم المخبولة بعد أن ظل عامًا كاملا يصطلى بنيران جماعة تتستر برداء الدين من أجل السطو على السلطة؟
هناك شىء غامض.. شىء تغير فى المزاج العام للجماهير.. لقد شعرت الملايين بحسها الفطرى أن الثورتين اللتين أشعلتهما ضد مبارك ومرسى لم تكن لهما النتائج المرجوة، ولم تحقق لهما الأحلام المأمولة فى العيش بحرية وكرامة، وقد زاد الطين بلة أن الغالبية العظمى من رجال مبارك العتاولة قد نالوا البراءة، فخرج الشريف وسرور وعزمى ونظيف بيض الوجوه من غير سوء، وكأن لا قتل ولا تعذيب ولا نهب ولا فساد ولا تدمير للحياة السياسية عانينا منها فى ظل حكم هؤلاء.
الأمر نفسه يحدث مع مرسى وإخوانه، فقد حاولوا تدمير الدولة المصرية وأخونتها، وسمحوا لعملاء القرن الثامن عشر – أكثر القرون تخلفا فى مصر – أن يتصدروا وسائل الإعلام ويكفروا المجتمع، ومع ذلك لم يشعر الناس أن هؤلاء الذين أجرموا فى حق الشعب والدولة نالوا عقابهم حتى هذه اللحظة، فبدت المحاكمات هزلية.. لا يطمئن الناس إلى نتائجها.. فانصرفوا عنها كما انصرفوا عن محاكمات مبارك، معلنين بصمت رفضهم لكل ما يحدث من عبث!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة