جمال أسعد

القتل على الهوية الدينية لصالح من؟

الثلاثاء، 04 مارس 2014 06:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اليهود يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار، المسيحيون هم ورثة ملكوت السماوات لأنهم يتعمدون من الماء والروح، المسلمون هم خير أمة أخرجت للناس، نعم كل أصحاب دين يعتبرونه «ويؤمنون بأنه هو الدين الحق والصحيح» أكثر من باقى الأديان الأخرى وهذا بلاشك طبيعى، ولكن هل كل دين يدعو إلى سحق أصحاب باقى الأديان وإبادتهم؟ وهل أصحاب كل دين هم البشر الذين يستحقون العيش وما دونهم لا يستحقون الحياة، بل التصفية الجسدية لأنهم أغيار؟ وهل هناك مقاصد عليا لأى دين تدعو إلى ذلك وتميزه، وما معنى قيم الحب والتسامح والعفو والمروءة والنجدة والإحسان التى تدعو لها كل الأديان والتى توجه للإنسان كإنسان، ذلك الإنسان الذى كرمه الله وفضله على كل المخلوقات؟ وهل الحياة التى أنعم بها الله على الإنسان لا تعنى غير ديمومة الصراع واستمرارية القتل وأبدية الحرب؟ أم أن الحياة التى كانت سبباً لنزول الرسالات والأديان وبعث الرسل والأنبياء ما هى غير تكامل وحوار؟ وهل الأديان قد دعت إلى القتال بين أبناء الدين الواحد حتى تفنى الملايين باسم الدين بين السنة والشيعة وبين الكاثوليك والبروتستانت؟ ولذا لا يجب حصر تلك الحادثة الكارثة والمفزعة والجبانة والتى راح ضحيتها سبعة من المصريين الأبرياء الذين قتلوا فى ليبيا، لأنهم غير مسلمين، لأن هناك فوضى عارمة فى ليبيا فى ظل غياب الدولة التى يسيطر عليها ميليشيات التطرف وتنظيمات الإرهاب التى تقتل المسيحيين لأنهم مصريون، قد ساهموا فى إسقاط مرسى، فالأمر أكبر من هذا وأخطر من ذلك، فجريمة ليبيا هذه هى إحدى الحلقات فى مسلسل ما يسمى بالتصفية الجسدية على أساس الهوية الدينية، فهذه الحادثة لا تنفصل عما حدث ويحدث للمسيحيين فى العراق وسوريا وحتى نيجيريا، هذا يعنى ويؤكد أن هناك اتصالا وتواصلا فكريا وعقيديا وعمليا بهذا، هناك قناعة خاطئة بتصفية غير المسلم، وهم لا يدرون ما يفعلون ولا يدركون حجم النتائج السلبية والخطيرة لهذه الأفعال، فإحدى الإيجابيات التى تحسب للإسلام هى تلك التعددية الدينية التى تعلى وتؤكد قيمة التسامح والمعايشة والعيش المشترك مع الآخر، هذه التعددية التى أعطت الفرصة للمسيحيين العرب فى المشاركة بدورهم المقدر فى الحضارة الإسلامية، فالتعددية الدينية فى منطقتنا هى الرد الحاسم على أى ادعاءات تصف الإسلام «وليس بعض المتطرفين غير الفاهمين» بالإرهاب، فهل هؤلاء يريدون سحب صفة الإرهاب على الإسلام، ولصالح من؟ ألا يعلمون أن هذه الممارسات تسىء للإسلام وتعطى الفرصة للمتربصين بالإسلام والمنطقة؟ وإذا كانوا يفهمون خطأ أن الإسلام يدعو إلى ذلك، فكيف عاش غير المسلمين مع الإسلام كل هذا التاريخ؟ ومن ذا الذى يتصور أنه يستطيع إبادة ملايين البشر على غير إرادة الله؟ ومع الموقف الرائع دائماً من المصريين فى مواجهة مثل هذه الكوارث التى لا تفرق بين مصرى ومصرى على أساس الدين، وجدنا ذلك الموقف المخزى من بعض رجال الخارجية فى تفسير سبب قتل هؤلاء الأبرياء، فهذا سلوك فى غير موضعه، وفشل فى مواجهة موقف أكبر من قدرتهم المحدودة، كذلك كنت أتمنى أن يعى مجلس الوزراء أن الممارسات الطائفية قد عفى عليها الزمن، فلا مبرر من توجيه العزاء للكثير، لأن الشهداء هم مواطنون تعزى فيهم الدولة ورئيسها وليس البابا والكنيسة، فكفى إهدارا للحقوق، كما أن موقف الكنيسة باعتبارها مسؤولة عنهم، ومطالبتها للدولة بالتحقيق، فهذا تزيد فى غير موضعه، لأن الدولة مسؤولة عن كل المصريين أم أن الدولة مسؤولة عن المسلمين، والكنيسة عن المسيحيين؟ كفى وأفيقوا حتى تصبح مصر لكل المصريين بحق.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة