بلا شك، فإن هذا عنوان يكرس ويجذر ويؤصل للطائفية التى اعتدنا عليها والتى تفرق بين المواطن المصرى المسلم والآخر المسيحى، وهذا المناخ وتلك الممارسة هما من مخلفات وآثار تاريخ طويل وحقبات متعددة نتيجة لظروف تاريخية وثقافية واجتماعية خلقت هذه المشاكل، فكانت هذه الطريقة وتلك الثقافة التى اعتمدت على الحديث الطائفى الذى يصور وكأن هناك مشاكل للمسيحيين غير مشاكل المسلمين، الشىء الذى جعل هذه المشاكل تطرح فى إطار طائفى وتطلب فى الوقت ذاته بالطبع حلولاً طائفية، نعم كان ذلك قائما واقعا وتطبيقا فى عصور التخلف والطائفية، ولكن منذ إرهاصات نمو ما يسمى بالمواطنة التى بدأت فى أواسط عهد محمد على، مرورا بدستور 1923 وحتى دستور 1971 وانتهاء بدستور 2014، فلا دستور ولا قانون يشرع ويدستر التفرقة بين مصرى ومصرى على أى أساس، ولكنه الميراث الطائفى والممارسة الخاطئة، فيتم التعامل مع الأقباط وكأنهم تابعون للكنيسة وليس للدولة، فمثلاً يتم تعزية الدولة للكنيسة فى مقتل المصريين السبعة فى ليبيا وكأنهم لا علاقة لهم بالدولة وكأنهم مسؤولية الكنيسة، وللأسف فالدولة أى الأنظمة استسهلت والكنيسة استملحت، ونستمر فى التعامل مع مصطلحات طائفية مثل مشاكل الأقباط والإخوة الأقباط، ناسين ومتناسين أننا أبناء وطن واحد تجمعنا الجينات المصرية بنسبة تصل إلى 98% حتى لمن هم أولو أصول غير مصرية، ومع ذلك تعالوا نتحدث عن مشاكل الأقباط التى تطرح فى إطار طائفى وكأنها تخصهم بذاتهم ولا تخص كل المصريين، مثل حرية العقيدة، ومشكلة بناء الكنائس، وعدم التمييز فى تبؤ المناصب القيادية سواء فى الوزارة أو القضاء أو الشرطة، أيضًا تمثيلهم فى المجالس التشريعية، هذه المشاكل أو تلك المطالب لو طرحت عن طريق الكنيسة أو على أرضية مغلفة بخطاب طائفى كالعادة، هنا المشكلة الحقيقية، حيث إن الآخر المسلم، وفى ظروف الشحن الطائفى التى نعيشها الآن، يتصور أن مشاكل الأقباط ستُحل بضغط من الكنيسة، هذا إذا لم يضف إليها ورقة الخارج، فى الوقت الذى يعانى فيه المصرى المسلم من مشاكل لا تحتمل، مع العلم بأنه لا حل لكل مشاكل المصريين بغير تفهم وتوحد وتجمع المصريين، فلا حل لأى مشاكل حتى ولو طائفية بعيداً عن الإجماع الوطنى والجماهيرى، ولذا بعد يناير ويونيو وبعد دستور 2014 الذى دستر وحل كثيرا من هذه المشاكل على أرضية المواطنة، يجب عدم طرح أى مشكلة على أى أرضية غير المواطنة وبتفعيل مواد الدستور، فالمادة 3 تعطى المسيحيين حق التشريع لأحوالهم المدنية، والمادتان 40، 9 تنصان عن المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المصريين دون تمييز، والمادة 47 تكفل الحفاظ على الهوية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة. والمادة 53 تضمن المساواة بين الجميع فى الحقوق والحريات والواجبات بلا أى وأدنى تمييز، والمادة 64 تضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة، والأهم هو منع التمييز واعتباره جريمة لا تسقط بالتقادم، هنا أليس من الأجدى والأحسن أن نتحدث عن مشاكلنا كمصريين وعن تفعيل الدستور وتقنينه على أرض الواقع حتى يضمن كل مصرى حقوقه؟ أليس فى هذا حل لمشاكل الأقباط التى هى مشاكل المصريين؟ وهذا بلا شك يحتاج إلى خطاب وثقافة وطنية لا طائفية، يحتاج أن تدرك الكنيسة أن دورها روحى فقط، وغير ذلك ليس فى صالح أحد، على الأنظمة أن تزيح عنها الميراث الطائفى، وتعلم أنها مسؤولة عن الجميع، هنا نقول للرئيس القادم: نريدك لكل المصريين، ونريد أن نبنى معاً مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثة لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة