ناصر عراق

الإبداع فى برنامج السيسى

الجمعة، 07 فبراير 2014 03:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حسنا فعل المشير عبدالفتاح السيسى بإعلانه الواضح الترشح لانتخابات الرئاسة كما جاء فى حواره أمس مع جريدة السياسة الكويتية، فقد طال انتظار الناس أكثر مما يجب، برغم الشعبية الكبيرة التى يتمتع بها هذا القائد منذ انحيازه إلى ثورة الشعب فى 30 يونيو الماضى.

الكل يعلم أن بلدنا أصيب بإنهاك شديد، لا فى الأعوام الثلاثة الأخيرة فحسب، بل على مدى ثلاثة عقود كان نظام مبارك خلالها يتفنن فى قهر الناس من ناحية وفى إضعاف طاقات مصر من ناحية أخرى، لذا فالتركة ثقيلة، وعلى أى رئيس مصرى قادم أن يبتكر الحلول الاستثنائية لإنصاف ملايين التعساء وللخروج بالبلد من عتمة الفقر والحاجة والتعب إلى نور الوفرة والكبرياء والعزة.

فلنكن صرحاء، فجميع المؤشرات تتجه إلى أن عرش مصر سيؤول إلى المشير السيسى، وهو أمر يحدث عادة فى الظروف الصعبة التى تمر بأى مجتمع، فالمصريون اتفقوا على اختيار محمد على عام 1805، بعد أن وصل الصراع على السلطة إلى مستوى بائس، إذ تولى عرش مصر خمسة ولاة فى أربع سنوات فقط! والمصريون اتفقوا على جمال عبدالناصر عقب هزيمة 1967، برغم أنه اعترف بتحمله المسؤولية السياسية عن هذه الهزيمة، والفرنسيون التفوا حول ديجول فى الحرب العالمية الثانية، والإنجليز بايعوا تشرشل فى الفترة نفسها.

إذن فى لحظات المحنة تهرع الجموع نحو شخص واحد تتوسم فيه قدرات خاصة يخوض بها عباب بحر هذه المحنة المتلاطم الأمواج، ونحن فى مصر نمر بمأزق سياسى اجتماعى لم يحدث من قبل، فللمرة الأولى تخرج جماعة من (المصريين) تزعم أنها المتحدث الرسمى الوحيد باسم الدين، وتروع وتفجر وتقتل للاستيلاء على السلطة بعد أن أخفقت فى الحفاظ عليها، هذا المأزق هو الذى دفع الملايين للالتفاف حول المشير، الذى أثبت انحيازه للشعب فى ثورته ضد تجار الدين!.

سيعمل السيسى على إشاعة الأمان وتحسين الظروف الحياتية للملايين كما نأمل، لأنها مطالب ملحة وعاجلة، لكن المشكلة الكبرى تكمن فى كيف سيتعامل مع الإبداع الذى تلقى ضربات قاصمة من قبل نظام مبارك ووزير ثقافته الشهير؟ والمشير السيسى يدرك جيدًا أنه لا مستقبل لأمة تخاصم الثقافة وتعادى المثقفين، ولا نهضة لشعب إذا لم تتوفر له بيئة مناسبة للقراءة والاطلاع وممارسة الفنون وتذوقها.

لقد انشغل نظام مبارك ووزيره بإقامة مهرجانات صاخبة تضاء فيها الأنوار الملونة، وتوزع الجوائز السخية على بعض المحاسيب والمنافقين، لكن لم يعمل هذا النظام على تثقيف الناس واستثارة خيالهم وتنمية ذائقتهم، والدليل واضح، إذ يتجلى فى ازدياد نسبة الأمية من جهة، وتفشى الفكر المتشدد والمتخلف من جهة أخرى حتى رأينا عملاء القرن 18 – أكثر القرون تخلفا – يتصدرون المشهدين السياسى والاجتماعى، فيغرزون فى أدمغة الناس أفكارًا ضد التطور.. ترفض الانخراط فى العصر وتهين المرأة وتحشرها فى ملابس القرون الوسطى، حتى صرنا عالة على الحضارة الحديثة، فنحن لم نخترع شيئا ذا قيمة منذ ستة قرون على الأقل، وكل ثمار التكنولوجيا العصرية التى تستخدمها حضرتك الآن لم نخترعها لا نحن ولا العرب ولا حتى المسلمون بكل أسف!
ترى.. ماذا فى جعبة المشير السيسى للنهوض بالثقافة والإبداع؟ وما هى الاقتراحات التى سيقدمها فى برنامجه الانتخابى بخصوص تهيئة المناخ لازدهار ثقافى ومعرفى حقيقى، وغير مزيف؟.

سيادة المشير أعرف أنك قارئ نهم كما قال الأستاذ هيكل مرة، فماذا ستفعل لتصبح القراءة عادة يومية جميلة لدى المصريين.. جميع المصريين؟!.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة