الإنترفيو معناه بالعربية مقابلة أو لقاء وقد اصطُلح على استعماله لوصف المقابلة التى يجريها صاحب العمل أو مَن ينوب عنه للمتقدمين إلى وظيفة ما، حضرتك بقى رحت قبل كدة مقابلة من نوع الـ (إنترفيو) ده؟ هل تتذكر موعدًا مهمًا أو لقاءً مصيريًا يتحدد على أساسه مستقبل أمر معين يهمك؟ هل تتذكر شعورك حين الدخول على أستاذك الجامعى فى امتحان الشفوى أو شعورك وأنت تستعد لملاقاة رئيس عملك الذى أرسل فى طلبك ليسألك ويحاسبك على مستواك المهنى أو (التارجت) المطلوب منك تحقيقه؟ كيف كان إحساسك وأنت رايح تخطب وستقابل لأول مرة والد العروس التى تتمنى زواجها؟
أمل.. خوف .. قلق .. رجاء ..رهبة ..رغبة.. مشاعر كثيرة متباينة يجمعها شىء واحد، إنه الاستعداد النفسى واليقين بحدوث اللقاء والذي يتبعه –غالبًا- استعداد مادي وتجهز لهذا اللقاء، يعني مثلا ستجهز الإجابات اللي هتقولها ستحسن مظهرك على قد ما تقدر وترتدي (الحتة اللي على الحبل) هتذاكر كويس لو المقابلة محتاجة مذاكرة، وستسأل عن صفات من ستقابله وتقف أمامه لعلك تستنتج منها طبيعة الأسئلة والأشياء التي سترضيه في تلك المقابلة المصيرية، وربما ستحاول أن تسأل عن هؤلاء الذين نجحوا ورضي عنهم الممتحن أو المقابل؛ كيف نجحوا وكيف أرضوه؟ وهكذا..تصور أننا نفعل كل هذا لأجل لقاء أو مقابلة دنيوية.. مقابلة مهما كانت أهميتها فإن ما سينبنى عليها لا يداني ما سينتج عن اللقاء الآخر، اللقاء الذي ستنبني على نتائجه حياتك السرمدية لملايين من السنين اللانهائية، اللقاء الحق ..لقاء الله جل وعلا وله المثل الأعلى.. اللقاء الذي حدثك عنه رسول الله كثيرًا والذي ناجى به ربه مصدقًا ومقررًا لحقيقته فقال: "ولقاؤك حق"، هذا هو الفارق الرئيسي بين مَن يعد العدة للقاءات الدنيا بينما يتغافل عن ذلك اللقاء وبين من ينتبه ويعلم جيدًا ولا يغفل عن حقيقة اللقاء.. فارق يتلخص فى كلمة حاسمة تبين ذلك البون الشاسع بين مجرد المعرفة النظرية المتغافلة وبين الحياة بتلك المعرفة.. كلمة (حق).
في لقاء الدنيا أو مقابلة العمل (الإنترفيو) فإنك قد صدقت أنه حق أنت مقبل عليه لا محالة فانتبهت، أنت أيقنت أنه واقع غدًا أو بعد غد فأعددت واستعددت، أنت أدركت أنه سيؤثر على حياتك ومستقبلك فرجوت.. وربما نكون كذلك في لقاء الآخرة نظريًا لكننا للأسف نغفل وننسى أو نتناسى.. نعم نعم أعرف جيدًا أننا لا ننكره.. ومن ينكر "إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ" و"إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ"؟من ينكر "وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ"؟ لكن العبرة ليست فقط في عدم الإنكار النظري، العبرة بما فعلنا وتعاملنا وليس فقط بما ادعينا "إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ" تأمل كلمة "يرجون" يرجون اللقاء.
الأمر إذن ليس قاصرًا على مجرد المعرفة والإقرار، لابد من علم عملى ومعتقد مُفَعَّل إن لم يكن موجودًا فتأمل آخر الآية، لابد أن يرجو اللقاء، ينتظره، يعد له العدة، ويتجهز.. ترى هل استعددنا لهذا اللقاء؟ هل معرفتنا بوقوعه هى معرفة نظرية جوفاء أم هى حقيقة نحيا بها وتملأ قلوبنا؟ حقيقة أننا سنلاقيه، سنلاقي الله.. وسنقف بين يديه.. وسيسألنا عن الصغير والكبير وعن النقير والقطمير، فهل تذكرنا اللقاء وهل أعددنا الإجابة؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة