بصراحة.. إذا لم يعمل الرئيس الجديد لمصر على إنصاف الفقراء فورًا؛ فلن يهنأ بفترة رئاسته، ولن يفرح بالهتافات التى تشنف أذنيه، ولن يبتهج بالزغاريد المنهمرة فوق رأسه. هذا أمر ينبغى التنبيه له والإلحاح عليه، فالمصريون ذاقوا الأمرين طوال عقود من التعاسة ترأس فيها البلد ثلاثة حكام تفننوا فى التنكيل بالفقراء، وإذلالهم، فالسادات ومبارك ومرسى انحازوا بكل طاقاتهم الرئاسية إلى أصحاب الملايين، وشجعوا بقرارات سلطوية مشبوهة رجال الأعمال الفاسدين على نهب ثروات البلد وتهريب بعضها، وتبديد بعضها الآخر.
وفقا للإحصاءات الرسمية، فهناك نحو 30 مليون مصرى يعيشون تحت خط الفقر المعتمد من قبل منظمة الأمم المتحدة، الذى يحدد نصيب الفرد الفقير بدولارين يوميًا، وهناك أكثر من مليونى إنسان يقطنون المقابر.. يؤانسون الموتى بعد أن لفظهم الأحياء، وهى كارثة بكافة المقاييس يتحمل مصيبتها أنظمة مبارك ومرسى، أما عن المرتبات الهزيلة لملايين الموظفين والدخول المحدودة لمثلهم من عمال وموظفى القطاع الخاص، فحدث عنها وأفض.
لاحظ أننى لم أتحدث عن ملايين العاطلين عن العمل «بعض التقارير ترتفع بالرقم إلى 9 ملايين عاطل»، ولم أتعرض للأمراض المستوطنة من فشل كلوى إلى كبد وبائى إلى سكر إلى آخره.. كما لم أتناول الفساد الإدارى وتخلفه المزرى، وفوضى المرور والزحام المرعب، وغياب فضيلة إتقان العمل، والقبح المستشرى.. أقول لك.. إننى لم أتحدث عن كل هذه التركة الثقيلة التى ورثناها عن مبارك، واكتفيت بالحديث عن الفقراء فقط.
لذا على الرئيس الجديد لمصر -أيا كان منصبه أو اسمه- أن يتخذ على الفور قرارات ثورية، وأكرر ثورية، تضبط ميزان العدل الاجتماعى، وتشعر الملايين الذين انتفضوا وثاروا مرتين أن دماء شهدائهم وإصابات جرحاهم وجسارتهم الخارقة لم تذهب سدى، وأن المستقبل يستحق المراهنة عليه.
لا تقل لى.. فلنعط الرئيس الجديد فرصة ليدرس ويقرر، لأننى سأخبرك فى الحال.. أن الأمور واضحة، والأفكار التى تنحاز للفقراء مطروحة على الملأ منذ باع السادات ومبارك ومرسى فقراء مصر فى سوق الانفتاح «السداح مداح» وفقا لتعبير الرائع الراحل أحمد بهاء الدين، وكل ما نحتاجه هو قرار سياسى شجاع يتكئ على موقف اجتماعى ينتصر للمطحونين فى هذا البلد الطيب.
يا رئيسنا الجديد.. تذكر جيدًا أن الشعب عرف طريقه، وأنه لن يقبل بالسطو على خيراته مرة أخرى، لأن العذاب استفحل والكيل فاض!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة