يحيى حسين عبدالهادى

دخول الجنة بـ«الواتس أب»

الإثنين، 20 أكتوبر 2014 11:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل خمس سنواتٍ (2009) قام كلٌ من الأمريكى بريان أكتون والأوكرانى جان كوم (وهما موظفان سابقان فى موقع ياهو) بتأسيس تطبيق واتس أب WhatsApp وهو تطبيق تراسُل فورى يمكنه أيضاً إرسال الصور والرسائل الصوتية والفيديو والوسائط.. وقد تجاوزت الرسائل المرسَلة عليه حتى العام الماضى ثلاثين مليار رسالة.

وفى مطلع هذا العام (19 فبراير 2014) قامت شركة الفيس بوك بشراء واتس أب بمبلغ 19 مليار دولار أمريكى، مُقسّم بين جزءٍ يُدفع نقداً وجزءٍ كأسهمٍ فى شركة فيس بوك. ومنذ أن دخل الواتس أب حياة المصريين ثارت بعض الشكوك والمخاوف الأمنية من احتمالية وجود ثغراتٍ للتجسس على المُستخدِمين من خلال تسريب الصور أو الفيديوهات أو المعلومات المتبادَلة بين الأطراف. إلا أن هذه المخاوف والشكوك لم تصمد طويلاً أمام ميزة مجانية الواتس أب.. لا سيما وأن أى مُتجسسٍ لن يحصل على معلوماتٍ ذات قيمةٍ من شعبٍ أغلبُ مكالماته التليفونية (لا النَصيّة) تدور حول (آخر نكتة) أو (صباح الخير وصباح الورد) أو (النمرة غلط يا...).

إلى هنا لا مشاكل.. إلا أنه قد تلاحظ فى الفترة الأخيرة تزايد رسائل (واتس أب) المجانية مجهولة المصدر ذات الصبغة الدينية التى يطلب مُرسلُها إعادة إرسالها لعشرة أو عشرين (وأحياناً يكون أكثر دِقّة فيُحدد 23).. ولأن الرسائل مجانية ولا تُكلف مُرسلها شيئاً فإن مُستقبِلَها يُسارع بإعادة إرسالها.. إما طمعاً فى الثواب الموعود به.. أو خوفاً من الوعيد المُهدَد به.. هذا بالطبع غير الرسالة التحذيرية الشهيرة على لسان شخصٍ مجهولٍ يتحدث بلسان شركة واتس أب من آنٍ لآخر يستعجل إرسالها إلى 18 شخصاً لكى لا تنقطع خدمة الواتس أب، فيتلقفها الكثيرون دون تفكير وتحدث حالة هياجٍ جماعى بين المستخدمين، وكأن الشركة العالمية قد عجزت أن تُعلن ذلك بنفسها فى وسائل الإعلام (آخر رسالة انتشرت بين المصريين هذا الأسبوع كانت تُهدد بقطع الخدمة قبل صيف 2014 ولم يسترعِ انتباه أحدٍ أنها رسالةٌ قديمةٌ سَبَق بثّها فى مارس وأن الصيف قد انتهى فعلاً).

أما الرسائل ذات الصبغة الدينية التى تبدأ بأحاديث منسوبةٍ للرسول عليه الصلاة والسلام كُلُّها تهديدٌ ووعيدٌ، بعضها صحيحٌ ومعظمها لم نسمع به من قبلُ أو يُدلّلُ بها فى غير سياقها، ثم يُدّسُ بينها خزعبلاتٌ وهُراء، ثم دعوةٌ لإعادة إرسالها حتى تنال الثواب، بعباراتٍ من عيّنة (هل تَبِى دخول الجنة؟ أرسلها ولو لشخصٍ واحدٍ.. أهم شىء أنك تكون ما كتمت ها العلم وعلّمته غيرك.. قد تكون سبب دخولى ودخولك الجنة). وإليكم عينة مما وصلنى خلال الأسبوع الماضى فقط، أنقلها لكم بأخطائها اللغوية
فسامحونى:

1 – (هل تعلم أن الإنسان المسلم قبل أن يموت يرى ملائكة يبشرونه بالخير وأنه سيموت.. يقول الله تعالى «فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد» وجاء العلم ليثبت أن الإنسان يوضع على عينيه حاجز يمنعنا من أن نرى الجن والملائكة، وعند الاحتضار يُرفع هذا الحاجب ويرى الإنسان الملائكة وبعد ذلك يصبح عنده تشويش فى الدماغ مما رآه حيث لا يمكن أن يتحدث عما يراه، وتتبلد الأطراف ويحدث هبوط فى القلب ويتم نزع الروح من القدم حتى لا يهرب الإنسان من ألم خروجها.. يقول الله تعالى «والتفت الساق بالساق»).

2 - (معلومةٌ قد تُرعبك: هل تعلم أن أَلَمَ طلوع الروح قدّره العلماء ب 3 آلاف ضربة سيف).
3 – (معلومةُ قد تُرعبُك: هل تعلم أنه عند خلط الزنجبيل مع القرفة ينتج محلول الفلوكيزرينين وهى مادةٌ سامةٌ تؤدى إلى الوفاة).

4 – (هل تعلم أن تركيز نظرك على بؤبؤ عينك فى آخر الليل كفيلٌ بأن ترا «مكتوبة هكذا» قرينك بدل ملامح وجهك وأغلب من فعلها أصيب بالمرض النفسى والجنون).

5 - (هناك هرمون فى الجسم يفرز خلايا على القلب عندما نلهى عن ذكر الله ومن ثم تكوّن غشاء على القلب يسمى «الران» ويسبب اكتئاب حاد وحزن وضيق شديد، وهو ما يُفسر قوله تعالى «كلا بل ران على قلوبهم».. انفع بها المعلومة شخصاً آخر.. لن يكلفك الأمر أكثر من ضغطة زر مدتها 4 ثوانى).
6 - (أذكر الله.. اختراعٌ عربى للعالم المشهور البروفيسور خالد السلوم للقضاء على جميع الجرذان والفئران.. سكر ناعم يُطحن جداً جداً ويُخلط مع جبس وتكون نسبة الجبس أكثر ويوضع قريباً منه إناء ماء.. فيأكل الفأر خليط السكر والجبس نظراً لحلاوة السكر التى تنسيه طعم الجبس.. وبعد أن يشبع يحتاج إلى شرب الماء فيتفاعل الماء مع الجبس ويصبح كالغراء فيسد مسام الفأر فيموت.. طريقة سهلة ومُجرّبة قد يحتاجها غيرك فلا تبخل بها وانشرها حتى يعم الثواب).

ولى بعض الملاحظات على ما سَبَق:

أولاً: تُشيرُ كثرة كلماتٍ مثل (تبى) و(ها العلم) وغيرها من الألفاظ إلى البيئة التى تُصدّر لنا هذه السموم المتدثرة بالدين، كما أن الأخطاء اللغوية والإملائية الفاضحة كانت حَرِيّةً بأن تلفت نظر المستقبلين إلى مدى السطحية والجهالة فى مضمونها.
ثانياً: بالنسبة للزنجبيل والقرفة فإن تجربتى الشخصية مع هذا الكوكتيل عبر عشرات السنين لم تكن مبعثاً للرعب وإنما للسعادة الناتجة عن علاج العديد من أمراض البرد.. وقد وصلتُ إلى سن الستين ولم يؤدِ إدمانه إلى وفاتى.. إلا إذا كان المقصود هو الوفاة بعد سن الستين.
ثالثاً: معظم (المعلومات) المتداولة خاطئة والباقى يستحيل التأكد منه، كمسألة تقدير العلماء لألم طلوع الروح بثلاثة آلاف ضربة سيف، مَنْ هم هؤلاء العلماء؟ وهل عاد أحدٌ منهم بعد أن طلعت روحه ليصف لنا آلام طلوع الروح؟ ولماذا تكون وحدة القياس هى ضربة السيف وليس الضرب بشئٍ آخر؟.. وهو ما يُمكن قولُه أيضاً على حكاية البؤبؤ.. أما حكاية هرمون الران وإلباسه فى تفسير آية (ران على قلوبهم) أو طلوع الروح من الساق بدليل «التفت الساق بالساق» فهو تهريجٌ متعمدٌ لا يستحق التعليق ولكن المصيبة أن الكثيرين يسارعون بنشره على نطاقٍ واسعٍ وهم يحسبون أنهم يُحسنون صُنعا.. ومعظم هذه الرسائل المتداولة لا تفيد الإسلام وإنما على العكس تُسىء إليه بنشر هذه الخزعبلات.. وهو غاية مُراد أعداء الإسلام.

رابعاً: أما اختراع الفئران والجرذان.. فبِغَضّ النظر عن جدواه، فإن مثل هذه الأفكار الترامادولية لا يُطلق عليها اختراعات.. وقتلُ الفأر لا يحتاج إلى بروفيسور.. تكفى ضربة شبشب.. ثم ما علاقة ذلك بالثواب ودخول الجنة؟ أعتقد أن النار أقرب لا سيما إذا كان السكر المستخدم مدعوماً.

خامساً: أميلُ إلى التفسير الذى يُرجّح أن وراء هذه الرسائل شركات اتصالات تهدف إلى نشر الفيروسات من خلال حَسَنِى النيّة.

وفى ختام (ها) المقال أطلب من كل من قرأه، أن يُرسله إلى 27 فرداً إذا كان (يَبِى) أن تَعُّم الفائدة!!!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة