أحمد بان

هل داعش تنظيم إخوانى؟

الأحد، 19 أكتوبر 2014 08:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أطلق إعلان الدكتور يوسف القرضاوى، المرجعية الأهم لدى الإخوان المسلمين، عن انتماء أبوبكر البغدادى لجماعة الإخوان المسلمين قبل أن يخرج منها بسبب ميوله وتطلعاته للقيادة، أطلق أسئلة حول طبيعة العلاقة بين الإخوان وداعش، التنظيم الذى حقق تقدما لافتا على الأرض فى وقت وجيز حتى اجتاح أراضى دولتين، وأزال الحدود بينهما وأعلن الخلافة فى تلك المنطقة من سوريا والعراق، وبعيدا عن التعقيدات الإقليمية والدولية التى ساهمت فى تقدم هذا التنظيم، يبدو السؤال مشروعا لماذا أعلن د.القرضاوى هذا الكلام الآن؟ هل يريد توجيه تهديد مبطن للنظام فى مصر أن داعش ستكون مآل جماعة الإخوان، إذا لم تشارك فى حكم مصر من جديد وتعود لوضعها قبل 30 يونيو؟ بمعنى أنه يهدد بأن الجماعة قد تتحول إلى العنف الشامل على طريقة داعش، أم أن الجماعة تهددنا بداعش من طرف خفى، وأن هذا التنظيم الذى تبدو قدراته فى الحركة أكبر من خبرات القاعدة وغيرها، من المجموعات المسلحة التى نشطت بدءا من الجهاد الأفغانى، حيث جمعهم أكبر معسكر إعداد فى التاريخ، سيرد البعض بالطبع بأن جماعة الإخوان جماعة سياسية تعمل بالسياسة ولم ترفع السلاح، وأنه ليس فى أدبياتها استخدام القوة فى التغيير.

ونرد بنصوص قطعية فى أدبيات الجماعة تؤكد أن فكرة العنف المؤجل التى طورتها مجموعة القطبيين فى الجماعة لم تكن سوى رجع الصدى لتعليمات حسن البنا، الذى يقول فى رسائله «سنستخدم القوة حيث لا يجدى غيرها» وفى موضع آخر يقول: وفى الوقت الذى يكون فيه منكم معشر الإخوان المسلمين ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها نفسها روحيا بالإيمان والعقيدة، وفكريا بالعلم والثقافة، وجسميا بالتدريب والرياضة، فى هذا الوقت طالبونى بأن أخوض بكم لجج البحار، وأقتحم بكم عنان السماء، وأغزو بكم كل عنيد جبار، فإنى فاعل إن شاء الله، وصدق رسول الله القائل: «ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة» تأمل الرقم 12.000 مقاتل، هل يختلف هذا الرقم كثيرا عن عدد مقاتلى داعش؟ من يملك القدرة على إرسال مجندين من كل دول العالم سوى تنظيم دولى لا يملكه سوى الإخوان، ولماذا تركيا هى بوابة المرور لمناطق التنظيم؟ هل تريد فقط محاصرة خطر التئام دولة الأكراد، أم أن الأمر مرهون بأجندة أعقد وأكثر غموضا، نصوص الجماعة لم تغفل ذكر اللجوء للعنف فى التغيير بل اعتقدت دوما أن العنف مؤجل، وربما لم يخرج عنها تصريح واضح يدين عنف الآخرين، فى المراحل التى توقفت هى عن العنف لأن من مارسوه بالنيابة عنها ربما فى النهاية يمارسون التدريب لمرحلة قادمة ينتظرها الإخوان ويعتقدون أنها اللحظة المناسبة للاشتباك.

تاريخ الإخوان لم يخل من العنف طوال عقود هم من أسس أول ميلشيا عسكرية إخلاصا لفكرة التوسل بالعنف طريقا للتغيير، ودخلوا فى مواجهات مع الدولة المصرية فى 1948، 1954، 1965 وعندما انكسرت موجات عنفهم، لجأوا إلى حيلة تحدث عنها أحدهم فى مذكراته، إنه عبدالمنعم عبدالرؤوف أحد الضباط الإخوان فى تنظيم الضباط الأحرار الذى قام بالثورة، فالرجل على نحو ما يذكر فى مذكراته يقول فيها: إنه عرض على الهضيبى أن يقوم بانقلاب على عبدالناصر، وإذا نجح الانقلاب تستطيع الجماعة أن تعلن مسؤوليتها عنه، وتستطيع فى حال فشله أن تتنصل ممن فعل، ويبدو أن هذا التكتيك كان من التكتيكات التى تعلموها من حسن البنا، الذى كان أول من قال عمن كلفوا بقتل القاضى أحمد الخازندار ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين، ومع ذلك بقى النظام الخاص يمارس دوره المعروف، فى الحقيقة الجماعة لم تتوقف عن العنف بل مارسته عبر واجهات متعددة، إما خرجت منها أو عنها لكنها فى النهاية ظلت وثيقة الصلة بكل هذه المجموعات، سواء الجماعة الإسلامية أو الجهاد أو حتى القاعدة، فيما بعد تحدث طلال الأنصارى عن علاقة مجموعة الفنية العسكرية بزينب الغزالى، وأنها كانت حلقة الوصل مع الجماعة، وفقا لنفس المنطق والتكتيك تحدث منير الغضبان عن شكرى مصطفى ورفاقه من التكفيرين الذين قتلوا الشيخ الذهبى وفقأوا عينه ووصفهم بالمعارضة الإسلامية فى كتابه «المنهج الحركى للسيرة النبوية» ونعى على السادات تنكيله بهم وإعدامهم.

كان الإخوان حاضرين فى التحالف الذى ربطهم بأمريكا فى أفغانستان، وكان رجلهم عبدالله عزام هو شيخ أسامة بن لادن ومرشده الروحى، شهدوا تأسيس القاعدة وبدا أنه لم تكن هناك علاقات تجمعهم بها حتى وصولوا للحكم، فبدأ خيرت الشاطر يصل بين النقاط المتناثرة لنرى الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، تلك الجبهة التى ضمت كل هذا الطيف الحركى بكل ألوانه، وكان هدوء جبهة سيناء والوفود التى يرسلها مرسى لسيناء ودعوات الحفاظ على الخاطف والمخطوف دليلا جديدا على عمق الصلة بين الطرفين، ولم يكن إعلان البلتاجى عن توقف العنف فى سيناء بمجرد عودة مرسى مجرد زلة لسان، وإذا علمنا أن داعش هو تنظيم يضم كل تلك المجموعات التى تدربت فى أفغانستان مع بعض خلايا الإخوان فى الجيش العراقى، مع التحالف الدولى الغائم فى أهدافه وسلوكه والذى تقوده أمريكا، مع الموقف التركى القطرى منها، مع سكوت الإخوان عن الحديث عنها سوى بلفظ تنظيم الدولة وكذلك الجزيرة وأخواتها، مع تهديد القرضاوى الأخير مع ارتفاع مستوى المواد الإعلامية التى تخرج عنها وباللغة العربية والإنجليزية وتكتيكاتها السياسية فى الاستفادة من كل التناقضات فى المنطقة، يتعاظم الشك فى أن داعش إما تنظيم يشارك الإخوان نفس الهدف وتراه الجماعة خادما لاستراتيجياتها، لأنه يجعل البديل لها هذا النموذج المخيف، وإما أنه الذراع العسكرية للجماعة التى قد تلجأ له فى إشعال الموقف، خصوصا مع الإصرار من قبل قيادة الجماعة ووسائطها الإعلامية على خوض الصراع بمنطق صفرى، فى كل الأحوال تبقى فكرة التسامح مع كيانات حركية ترفع راية الدين وتعتمد صيغة السمع والطاعة بين أمير وجنود، فكرة محفوفة بالخطر تنذر بكل شر وما زلنا نعانى ويلاتها ولا ينبغى التسامح معها، وتبقى الدولة القومية العادلة العلاج الناجع الذى يقطع الطريق على مثل هذه الأفكار المخاصمة للتاريخ وللإنسانية.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة