تُدرك الأجهزة السيادية والأمنية أبعاد مُخطّط الإخوان لاستخدام «ورقة الطلبة» باعتبارها أخطر وسائل تشويه المسار السياسى، ولديها معلومات تفصيلية بالخطط التى تلقتها عناصر الجماعة لممارسة «حرب الشوارع» وتمويلها بطرق مشبوهة، ورغم ذلك أعُفيت الشرطة من تأمين الجامعات، وأسُندت لشركة أمنية خاصة، وينبغى التمييز بين حراسة منشآت تجارية كالبنوك والمطاعم، والتعامل مع طلبة الجامعة ومقتضياته، كتوافر قواعد بيانات ومعلومات عن المُحرضين، واتخاذ إجراءات استباقية لإجهاض المخطط الخطير، الأمر الذى تفتقده شركات الأمن التى استُخدمت، فيما يبدو، لتظهر الصورة الإعلامية كمواجهات مدنية وليست أمنية، وهذه حسابات خاطئة، فحجم الخسائر سيتضاعف، ويتسع نطاق الاحتجاجات، خاصة بين كتلة كبيرة من الطلاب غير المصنَّفين سياسيًا.
تقتضى المكاشفة شجاعة الاعتراف بأن الطلبة المحتقنين ليسوا جميعًا «كوادر إخوانية» لكنهم خليط من مشارب شتى، تقودهم عناصر الجماعة بحكم خبراتهم التنظيمية، والأجهزة الأمنية يُمكنها تمييز المُحرضين وغيرهم ممن يستقطبهم الإخوان والنشطاء، مستغلين «روح التمرد» لشباب بهذه المرحلة العمرية، ولأنه ليس من الحكمة مُعاداة الطلبة، الذين يُشكلون رهان المستقبل وأبرز شرائح الشباب الذين طالما تحدث الرئيس السيسى عن تمكينهم واحتضانهم.
تتواتر «دعوات فاشيّة» ومزايدات لسحق الطلبة، وينبغى التذكير بأن كل الأنظمة خسرت عندما اصطدمت بالطلبة منذ العهد الملكى وحادث كوبرى عباس الشهير، تكرر الأمر بالعهد الناصرى ومظاهرات الطلبة عام 1968 التى اشتعلت بالقاهرة وحلوان والإسكندرية.
وخلال عهد مبارك اشتعلت مظاهرات الطلبة مرارًا
كما ساهم الطلبة وبقية شرائح المجتمع بالإطاحة بحكم مرسى وإخوانه، لكننا الآن حيال مظاهرات مختلفة يقودها فصيل إرهابى، وبالتالى فهى ليست حركة طلابية لافتقادها التوافق الاجتماعى، لكنها تبقى تحديًا يتطلب معالجة حكيمة بمسارات سياسية وأمنية وإعلامية.
لماذا نستعين بشركات أمنية خاصة، وهناك قوات «عمليات خاصة» ترتدى ملابس مدنية، وأجهزة معلوماتية بوسعها فرز المُحرضين وملاحقتهم، بينما تفتقد شركات الأمن خبرات التعامل الميدانى والمعلومات، فلماذا نهدر الأموال لاستئجارها، وبوسعنا إعادة الحرس الجامعى، واتخاذ «إجراءات احترازية» لاحتواء الطلاب غير الموالين للإخوان، فالاستهداف العشوائى يُشكل «خسارة فادحة» للوطن، فلدينا تحديات جسام تتطلب تكاتف المجتمع، والاستثمار بالشباب، بدلا من «أخونتهم» بتسليمهم صيدًا سهلاً للجماعة والحركات المشبوهة، وتعميق الاستقطاب الاجتماعى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة