«كان أبوبكر البغدادى قائد تنظم داعش شابا إخوانيا»، هكذا جاء اعتراف الدكتور يوسف القرضاوى فى الوقت الذى كان التنظيم يتباهى فيه بفعل آخر تناقلته بعض وسائل الإعلام ومنها جريدة الأخبار فى عددها الصادر أمس.
تباهى التنظيم بإقراره للمرة الأولى أنه احتجز وباع «الإيزيديين» كرقيق، وأكد من خلال مجلته الدعائية «دابق» أنه منح النساء والأطفال الإيزيديين الذين أسرهم فى شمال العراق إلى مقاتليه كغنائم حرب، وتفاخر التنظيم بأنه بعد أسر الناس والأطفال الإيزيديين تم توزيعهم وفقا لأحكام الشريعة بحسب ادعائه.
ينقلنا هذا الفعل الجاهل إلى فضاء واسع من فهم الإسلام، وفيه هؤلاء الذين يصدرون ممارساتهم السيئة والبشعة إلى العالم، مما يؤدى إلى تعامل الآخرين مع المسلمين وكأنهم أصحاب جاهلية، وأبناء دين لا يحترم الإنسان فى أى زمان ومكان.
«البغدادى» ومن معه لا يقترن فعلهم بإرهاب حمل السلاح وقتل الأبرياء وفقط، وإنما تحولوا إلى الاتجار فى البشر، أصبحوا تجار رقيق وعبيد، فمعنى أن يقوموا بتوزيع النساء والأطفال فيما بينهم كغنائم حرب، لا يحمل إلا تأكيدا على تجارتهم فى الرقيق والعبيد، وهم فى ذلك يخالفون وبوضوح القرآن الكريم الذى لم يرد فيه نصر يبيح الرق، وإنما جاء فيه الدعوة إلى العتق، والرسول عليه الصلاة والسلام لم يضرب الرق على أسير من الأسرى، بل أطلق أرقاء مكة، وحين تم فتحها، قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، فأى عظمة تلك، وأى قيمة إنسانية رفيعة يضربها رسولنا الكريم، وأى مثل عظيم هذا تركه ليس للمسلمين وفقط، وإنما لكل الأديان ولكل البشر.
لم نسمع عن الإيزيديين مثلا أنهم كانوا فى حرب مع المسلمين داخل العراق، ولم نسمع عن أى عراقيين من ديانات ومذاهب أخرى، أنهم كانوا فى حرب من قبل مع بعضهم البعض، أشتهر العراق بتكوينه السكانى المتنوع والفريد، فالمسيحيون أكثر من طائفة، والمسلمون ينقسمون بين سنة وشيعة، وكان فيها يهود، ومذاهب دينية أخرى مثل الإيزيديين وغيرهم، وكان العيش بين كل هؤلاء يمضى فى سلام، فلم نعرف حروبا بين المسلمين والمسيحيين واليهود والإيزيديين، أو بين السنة والشيعة، حتى دخلت أمريكا بجحافلها اللعينة واحتلتها فى عام 2003 بمساعدة عربية مالية وعسكرية واستخباراتية، وبعد إسقاط نظام صدام حسين تحول الوضع إلى المأساة التى نعيشها الآن.
صنعت أمريكا وأتباعها من النظم العربية المأساة العراقية، وتمددت المأساة لتنتقل إلى أقطار عربية أخرى، ليكون تنظيم «داعش» هو الإفراز الطبيعى لكل ذلك، وأصبح هو عنوان المرحلة العربية الآن.
ما فعله «التنظيم» بتوزيع الأطفال والنساء بين مقاتليه هو كارثة إنسانية بكل المقاييس، ولا يمت لمفهوم الجهاد بصلة، وليس له علاقة بديننا العظيم الذى يحض على المعاملة الكريمة لأسرى الحرب حين تكون هناك حرب بالفعل، لكن حقيقة ما حدث يتمثل أن «الإيزيديين» كانوا يعيشون فى سلام حتى جاءهم مقاتلو داعش كمعتدين، وبالتالى فإن الذين يجب حسابهم هو «داعش».
«البغدادى» ورجاله لا يختلفون فى شىء عن أمريكا فى فعلهم البشع بالعراق، هما وجهان لعملة واحدة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة